للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاللَّفظة إذن من الألفاظ التي استعملها الجاهليون، بمعناها المفهوم. وقد بحث في أصلها علماء اللغة، وذهبوا في تفسيرها مذاهب١. وللمستشرقين كلام في أصلها وفي معناها. ذهب بعض منهم إلى أنها من القصد والغرض، وأنها قيلت في شعر الطلب أولا، ثم أطلقت على كل شعر آخر، ولهذا اقترح بعضهم ترجمتها بشعر الطلب أو شعر التسول، وعارض هذا التفسير بعض آخر، لأن التسول في رأيهم لم يكن الغرض الأول من نظم الشعر، وإنما كان غرضًا من أغراضه، ثم إن أقدم الشعراء الذين قصدوا القصائد لم يكونوا من الشعراء المتسولين، وإنما كانوا من المترفعين المتعالين، ولهذا رفضوا تفسير القصيد بشعر التسول والطلب١، وقال "بروكلمن": "إن صح أن لفظ القصيد بعيد القدم، فمن الممكن أن يكون الغرض والقصد بحسب الأصل غرضًا من أغراض السحر، وكثيرًا ما صار غرضًا سياسيًّا في وقت متأخر، ثم صار يستعمل بأوسع معاني الكلمة في جميع أغراض الحياة الاجتماعية، وإن كان من الحق أنه استعمل أيضًا منذ عهد قديم في أغراض أنانية محضة"٢.

وتعرف القصيدة بالقافية كذلك. واستشهد العلماء على ذلك بقول الخنساء:

فنحكم بالقوافي من هجانا ... ونضرب حين تختلط الدماء

وبقول آخر:

نبئت قافية قيلت تناشدها ... قوم سأترك في أغراضهم ندبا

وذكروا أن القافية في قول حسان بن ثابت:

فنحكم بالقوافي من هجانا ... ونضرب حين تختلط الدماء

قد تعني القصيدة، وقد تعني البيت منها. "قال الأزهري: العرب


١ بروكلمن، تأريخ الأدب العربي "١/ ٥٩".
Goldziher, Historyof Classical Arabic Literature, p. ١٠.
٢ بروكلمن "١/ ٥٩".

<<  <  ج: ص:  >  >>