للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلحق بالمشركين، ووشى بعمّار وجبير عند ابن الحضرمي، أو لبني عبد الدار، فأخذوهم فعذّبوا"١.

وورد في رواية أخرى: "كان قد تكلم بالإسلام فدعاه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذات يوم يكتب له شيئًا، فلما نزلت الآية التي فى المؤمنين: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ} . أملاها عليه، فلما انتهى إلى قوله: {ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًاآخَرَ} ، عجب عبد الله في تفصيل الإنسان، فقال: تبارك الله أحسن الخالقين. فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: هكذا أنزلت عليّ، فشك عبد الله حينئذ، وقال: لئن كان محمد صادقًا لقد أوحي إلي كما أوحي إليه، ولئن كان كاذبًا، لقد قلت كما قال. وذلك قوله: ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله. وارتد عن الإسلام"٢.

وورد أنه كان يقول: كنت أصرف محمدًا حيث أريد. كان يملي عليّ. عزيز حكيم، فأقول: أو عليم حكيم، فيقول: نعم كلٌّ صواب. فهدر النبي دمه٣. وذكر أنه "قال لقريش: أنا آتي بمثل ما يأتي به محمد. وكان يملي عليه الظالمين، فيكتب: الكافرين، يملي عليه سميع عليم، فيكتب: غفور رحيم وأشباه ذلك. فأنزل الله: ومن أظلم ممن افترى على الله كذبًا، أو قال أوحي إليّ، ولم يوح إليه شيء. ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله. فلما كان يوم فتح مكة أمر رسول الله بقتله، فكلمه فيه عثمان بن عفان، فأمر رسول الله بتركه٤.

وقد ذكر "الجاحظ" أنه "كتب لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- فخالف في كتابة إملائه. فأنزل الله فيه آيات من القرآن نهى فيه عن اتخاذه كاتبًا، فهرب حتى مات بجزيرة العرب كافرًا٥". والصحيح أنه هرب، فلما كان يوم الفتح أمن النبى الناس إلا أربعة نفر وامرأتين. عكرمة، وابن خطل، ومقيس بن صبابة، وابن أبى سرح، فأما عبد الله فاختبأ عند عثمان، فجاء به حتى


١ تفسير الطبري "٧/ ١٨٠ وما بعدها".
٢ أسباب النزول "١٦٥".
٣ المعارف "١٣٠ وما بعدها"، إمتاع الأسماع "١/ ٣٩٣".
٤ فتوح البلدان "٤٥٩"، "أمر الخط"، المعارف "٣٠٠ وما بعدها".
٥ ذم أخلاق الكتاب، رسائل الجاحظ "٢/ ١٨٨".

<<  <  ج: ص:  >  >>