للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وورد في كتاب رسول الله إلى سادة نجران: "لا يغير أسقف عن سقيفاه، ولا راهب عن رهبانية، ولا واقف عن وقفانيته"١. ويظهر من هذا الكتاب أن الواقف منزلة من المنازل الدينية التي كانت في مدينة نجران. والظاهر إنها تعني الواقف على أمور الكنيسة، أي الأمور الغدارية والمالية والمشرف على أوقافها وأملاكها. فهو في الواقع مسؤول إداري، اختصاصه الإشراف على الأمور المتعلقة بسير غدارة الكنيسة وأموالها. إذ لا يعقل أن يكون الواقف بمعنى خادم البيعة الذي يقوم بالخدمة بمعنى التنظيف والأعمال البسيطة الأخرى، إذ لا يعقل النص على مصل هذه الدرجة في كتاب صلح الرسول مع سادة نجران. وقد ذكر بعض علماء اللغة: "الواقف خادم البيعة، لأنه وقف نفسه على خدمتها"٢. ولا يعني هذا التفسير بالضرورة الخدمة على النحو المفهوم من الخدمة في الاصطلاح المتعارف. فقد كان الملوك والسادات يلقبون أنفسهم بـ "خادم الكنيسة" و"خادم المعبد"، أي بالمعنى المجازي. ولا يكون خادما صارفا وقته كله في تنظيف الكنيسة وفي القيام بالأعمال التي يقوم بها الخادم الاعتيادي.

وهناك لفظة أخرى لها علاقة بالكنيسة وبالبيعة وبالنواحي الإدارية منها، هي لفظة "الوافه" و"الواقه". وقد عرفوا صاحبها بـ "قيم البيعة التي فيها صليب النصارى"، وفي هذا المعنى أيضًا لفظة "الواهف"، حيث قالوا: "الواهف سادن البيعة التي فيها صليبهم وقيمها، كالوافه وعملها الوهافة"، والوهفية والهفية. والظاهر إنها كلها في الأصل شيء واحد، وإنما اختلف علماء اللغة في ضبظ الكلمة، فوقع من ثم هذا الاختلاف بينهم٣. فالوظيفة إذن، هي بمنزلة الخازن القيم على شؤون الصليب، يحفظه من السرقة، ويضعه في خزانة أمينة، فإذا حانت أوقات العبادة وضعه في موضعه. فالصليب ثمين، وفيه ذهب


١ ابن سعد، الطبقات "١/ ٣٥٨" "طبعة صادر"، "لا يغير أسقف من أسقفيته، ولا راهب من رهبانيته، ولا وافه من وفاهيته"، النهاية في غريب الحديث "٤/ ٢٣٧"، "واقه من وقاهيته"، البلاذري "فتوح "٧٢"، "صلح نجران"، اللسان "١٧/ ٤٥٩"، تاج العروس "٩/ ٤٢١"، الفائق "٢/ ٣١٧"، النهاية "٤/ ٢٤٠".
٢ تاج "٦/ ٢٦٩"، النصرانية وآدابها، القسم الثاني، الجزء الثاني، القسم الأول "ص١٩٣" اللسان "٩/ ٣٦٠"، "صادر".
٣ تاج "٦/ ٣٧٣"، "٩/ ٤٢١"، المخصص "١٣/ ٦٠٠"،اللسان "١٣/ ٥٦١" "صادر.

<<  <  ج: ص:  >  >>