للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبناء الحارث بن جبلة، وقد حكم ستًّا وعشرين سنة وشهرين، وذكر أنه نزل السدير، وبنى قصر "الفضا" "قصر الفضة" و"صفاة العجلات" و"قصر منار"١.

وعمرو هذا هو الذي مدحه النابغة الذبياني، وقد كان متكبرًا دميمًا قبيح السيرة أنشأ في دمشق وضواحيها -على حد قول أهل الأخبار- عند قصور شامخات، منها: قصر الفضة، وقصر "صفات العجلات"، وقصر منار. وقد صور في بعض هذه القصور مجالسه وجلساءه ورؤساء دولته، وأشكال صورته.

ثم اتعظ وتغير على أثر شعر قاله له عمرو بن الصعق العدواني، وكان قد أسر الأمير أخته، وحسنت سيرته ومات بعد أن حكم ستًّا وعشرين سنة٢.

ويقول أهل الأخبار إن من قديم الشعر الذي قاله النابغة في مدح عمرو بن الحارث، قصيدته البائية التي يقول في جملة ما يقول فيها:

عَلَيَّ لِعَمروٍ نِعمَةٌ بَعدَ نِعمَةٍ ... لِوالِدِهِ لَيسَت بِذاتِ عَقارِبِ

وقد أوغل فيها في مدح الغساسنة وفي ذكر ملوكهم، وهي من عيون شعره. وقد قال هذا الشعر حينما اختلف مع النعمان بن المنذر في موضوع الشعر الذي وصف به زوجة النعمان "المتجردة"، وصفًا استغله أعداؤه، فوشوا به إلى النعمان، فهرب منه، وانحاز إلى خصومه آل غسان. ولجأ إلى زعيمهم في تلك الأيام، وهو "عمرو بن الحارث"٣.

وللنابغة أشعار أخرى في مدح "عمرو بن الحارث بن أبي شمر الغساني" في جملتها أبيات يعتذر النابغة فيها إليه من وشاية أثارت حنق عمرو عليه، فنظمها في استرضائه، وقد ذكر فيها أنه أكرامه وحباه بمائة من الإبل، وأنه يريش قومًا ويبري آخرين، وأنه يجزي الناس على أفعالهم٤.

ونجد في قصيدة للنابغة مطلعها:

أَهاجَكَ مِن أَسماءَ رَسمُ المَنازِلِ ... بِرَوضَةِ نُعمِيٍّ فَذاتِ الأَجاوِلِ


١ حمزة "ص٨٧".
٢ البطليوسي "ص٧".
٣ ديوان النابغة الذبياني "ص٩ وما بعدها"، "بيروت ١٩٢٩".
٤ ديوان النابغة "ص٤٦" "بيروت ١٩٢٩".

<<  <  ج: ص:  >  >>