للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ذكر أن المنذر بنى صهاريج لإيصال الماء إلى الرصافة مدينة القديس "سرجيوس" ذي المكانة العظيمة عند عرب الشأم. وظهر من كتابة عثر عليها في أنقاض كنيسة في الرصافة أن المنذر بنى أو جدد بناء تلك الكنيسة. وأما بناؤها فهو على الطراز البيزنطي١.

ولم تمنع قدسية مدينة الرصافة الأعراب، ولا سيما أعراب العراق من التحرش بها، فغزتها مرارًا، وأخذت قبيلة تغلب صورة القديس بعد عودتها من غزو المدينة٢، وهدم أهل الحيرة صهاريج المدينة مرارًا، ولحمايتها من الهجمات أحاطها القيصر "يوسطنيانوس" بسور قوي، بدلًا من سورها القديم٣.

وذكر أن المنذر لما كان في القسطنطينية طلب من البيزنطيين مساعدته في بناء قصر يكون أعظم قصر غساني بُني حتى أيامه، وذلك بأن يرسلوا إليه أحسن المعماريين والبنائين الحاذقين. فلبى البيزنطيون طلبه فأمدوه بما يحتاج إليه من معماريين ومن مواد بناء. ومن أبنيته الخربة المعروفة اليوم بناء يعرف باسم "البرج" وقد عثر على اسمه مدونًا على حجارة من ذلك البناء٤.

ولما حاول الروم غزو حدود الفرس في سنة "٥٨٠م"، وجدوا الجسر المنصوب على نهر الفرات مهدمًا، فاضطروا إلى التراجع وترك الغزو. وكان المنذر معهم في هذه الحملة، فذهبوا إلى أن المنذر كان على اتفاق سري مع الفرس، وأنه هو الذي أوعز بهدم الجسر، ليكتب للحملة الإخفاق، وقرروا القبض عليه والإيقاع به؛ انتقامًا منه للخيبة التي منوا بها. ولما عاد المنذر فغزا أرض الحيرة بنفسه فيما بعد ملحقًا بالمدينة أذًى كثيرًا، جاعلًا إياها طعمة للنيران، اتخذ الروم هذه الغزوة دليلًا على تحدي المنذر لهم، ورغبته في الخروج على طاعتهم، فقرروا الانتقام منه بقتله، فأصدروا إلى حاكم بلاد الشأم "ماكنوس" "magnus" صديق


١ Kirchengeschichte, V, S. ٣١٥, H. Gelzer in Byzantinischer Zeitschrift, I, ١٨٩٢, S. ٢٤٥. Les Arabes Chrestiens, P. ٦٩, Musil, Palmyrena, PP. ١٦٥, ٢٦٤, ٣٢٣
٢ ديوان الأخطل "ص٣٠٩"، "طبعة الصالحاني".
Musii, palmyrena, pp. ٢٦٣, ٢٦٧
٣ Musil, Palmyrena, P. ٢٦٤, Rusafah, P. ١٢
٤ Wetzstein, NO:١٧٣, Waddington ٢٥٦٢C, Provincia Arabia III, S. ٢٠٠

<<  <  ج: ص:  >  >>