للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأنفق "فيرموس" وهو من كبار رجال المال في العالم في ذلك الحين أموالًا كبيرة على الجمعيات الوطنية المناهضة لرومة، وألف جيشًا تمكن به من الاستيلاء على الأسكندرية، وجمع حوله أشياع "الزباء" في مصر، ولقب نفسه بألقاب القياصرة، وأخذ يتفاوض مع التدمريين في توحيد الخطط والعمل بجد في تقويض الانبراطورية الرومانية في الشرق١.

وقرر القيصر الإسراع في العودة إلى الشرق لمعالجة الحالة قبل فوات الوقت، فوصل إلى "تدمر" بسرعة كبيرة أذهلت المدينة الثائرة، فلم تدر ما تصنع. كانت قد قتلت القائد "سنداريون" "سوداريون" "Sandauion"٢، وفتكت بالحامية الرومانية، ورفعت راية العصيان في الشرق وتزعمت الحركة الوطنية المعادية للدخلاء وتبنتها، فبأي وجه ستقابل "أورليانوس" القيصر المتغطرس الجبار؟ وماذا سيكون موقفه منها؟ وهي في وضع حرج لا تأمل الحصول على مساعدة لا من الفرس ولا من المصريين. وتداعت المدينة بسرعة حينما مثل أمامها الرومان وسلمت نفسها للقيصر، فسلمها هو غنيمة إلى جنده يفعلون بها ما يشاءون بغير حساب.

عفا القيصر "أنطيوخس" عن أقارب الزباء، وكان التدمريون أقاموه ملكًا عليهم. ولم يعف عن الرعية فتناولتهم سيوف الرعاع من جنود "رومة" وخناجرهم من غير تمييز في العمر أو تفريق في الجنس٣. وأباح القيصر لجنوده تهديم أبنية المدينة، فدكت الأسوار وهدمت الأبراج وقوضت الأبنية٤، حتى أن القيصر نفسه رق قلبه على من تبقى حيًّا من المدينة، فكتب إلى "Cirronius Bassus قائد المدينة أن يصفح عنهم، وأن يعيد بناء هيكل الشمس على ما كان عليه، وكان جنود "اللجيون" الثالث قد نهبوه وخربوه، وأمر بالإنفاق عليه وبتزيينه وتجميله من الأموال التي استصفيت من خزائن "الزباء" وطلب من مجلس الشيوخ في "رومه" إرسال كاهن ليدشن المعبد٥. وأرسل


١ Oberdick, S., ١١٥.
٢ "سوداريون": المشرق، الجزء المذكور "ص ١٠٦٠".
٣ Oberdick, S., ١١٦, Gratz: Geschichte Der Juden, Iv, S., ٣٣٦.
٤ المشرق، الجزء المذكور "ص ١٠٦٠". Vaughan, Pp.٢٠٨.
٥ Vopiscus: Hist. August., P.٢١. Vaughan, P.٢٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>