للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"وبالحظوظ العائدة إلى العرب"١، وهي جملة ذات دلالة مهمة بالطبع؛ لأنها تشير إلى العرب ووجودهم في هذه المنطقة، كما ذكر فيه "عربايا" "عربواو"٢، ولاسم إقليم "عربايا" شأن كبير؛ لأنه نسبة إلى العرب، وفيه تقع مدينة الحضر.

أما أسماء ملوك الحضر، فهي أسماء غير عربية النجار، يظهر على بعضها أنها إيرانية، وعلى بعض آخر أنها إرمية, غير أن علينا أن نفكر في أن التسميات لا يمكن أن تكون أدلة يستدل بها على أصل الناس. فقد كانت العادة تقليد الأجانب ومحاكاتهم في اختيار أسمائهم، ولا سيما عند الحكام والملوك, فقد كانوا يختارون لهم في كثير من الأحيان أسماءً أو ألقابًا من الدول القوية التي تتحكم في شئونهم والتي لها سلطان عليهم. فقد لقب جماعة من ملوك "اليطوريين" أنفسهم بـ"بطلميوس" ولقب نفر منهم أنفسهم بـ"ليسنياس" Lysanias وبـ"فيلبيون" Philippion، وهي من التسميات اليونانية، مع أن اليطوريين ليسوا يونانيين٣. كذلك نجد اللحيانيين يقلدون اليونان، فيلقبون أنفسهم بـ"بطلميوس"، مع أنهم عرب، وهكذا قُلْ عن أهل "الرها" و"تدمر" وأمثالهم فإنهم هم وملوكهم قد قلدوا اليونان في أسمائهم وفي اتخاذ ألقاب يونانية لهم، وهم مع ذلك ليسوا من اليونان؛ ولهذا لا نستطيع أن نحكم على أصل الإنسان استنادًا إلى الألقاب والأسماء. وينطبق هذا الرأي على ملوك الحضر أيضًا, فإن "سنطروق" وهي تسمية إيرانية فرثية، لا يمكن أن تقوم دليلًا على أن أصله من الفرث٤.

ويلاحظ أن كثيرًا من كتابات الحضر، لا يكتفى فيها بذكر اسم الشخص واسم أبيه، وإنما يذكر فيها اسم جده أيضا، واسم والد جده أحيانا, وقد عثر على كتابة ورد فيها اسم ستة أجداد. ونجد هذه الطريقة في الكتابات الصفوية كذلك، وقد استدل "إينو ليتمان" E. Littmann من طريقة تدوين الصفويين لأنسابهم على هذه الصورة على أنهم عرب؛ لأن العرب يعتنون بالنسب أكثر من عناية غيرهم به، فيذكرون أسماء الآباء والأجداد. ولذهاب بعض أهل الحضر هذا المذهب في تدوين أنسابهم، رأى بعض الباحثين أن أصحاب هذه الكتابات


١ العدد المذكور "سطر ١٠" من النص.
٢ العدد المذكور "سطر ١٤".
٣ Die Araber, I, S. ٢٧٨
٤ Die Araber, I, S. ٢٨٠

<<  <  ج: ص:  >  >>