للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [الأنفال:٣٩] .

ففي هاتين الآيتين الكريمتين بيان لأثر من آثار قتال الكفار:

الأول: أن قتال الكفار قاطع للفتنة.

وذلك أن تعطيل الجهاد يؤدي إلى قوة الكفار وظهورهم على المسلمين، فتحصل الفتنة بهم ومنهم، فيرتد بعض المسلمين عن دينهم، أو يفتنوا حتى يتركوه، وهذه مفسدة أعظم من مفسدة إزهاق روحه.

قال تعالى: {وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْل} [البقرة:١٩١] .

قال ابن جرير -رحمه الله-: "وقد بينت فيما مضى أن أصل الفتنة الابتلاء والاختبار، فتأويل الكلام: وابتلاء المؤمن في دينه حتى يرجع عنه، فيصير مشركاً بالله، من بعد إسلامه، أشد عليه وأضر من أن يقتل مقيماً على دينه متمسكاً عليه محقاً فيه"١.

وقال سيد قطب -رحمه الله-: "إن الفتنة عن الدين اعتداء على أقدس ما في الحياة الإنسانية، ومن ثم فهي أشد من القتل، أشد من قتل النفس وإزهاق الروح وإعدام الحياة، ويستوي إن تكون هذه الفتنة بالتهديد والأذى الفعلي، أو بإقامة أوضاع فاسدة من شأنها أن تضل


١ جامع البيان لابن جرير ٢/١٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>