للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمن تلك النصوص، قول الله تعالى: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحج:٣٩-٤٠] .

ففي هذه الآيات بيان لأثرين هامين من آثار الجهاد المباركة، والتي من أجلها شرع:

الأثر الأول: أن القتال وسيلة لرفع الذل والظلم عن المستضعفين من أهل الإيمان، فالله قد أذن لهم بهذا السبب، وفتح لهم باب الأمل بالنصر بقوله: {وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} بعدما ابتلاهم ومحصهم، واقتضت حكمته أن ينقلهم إلى مرحلة المجابهة العسكرية، وهي خطوة تقودهم إلى وضع العزة والتمكين، بعد الخطوة الأولى وهي إقامة الدين.

فالمسلمون في مكة كانوا مستضعفين يعذبون ويُستهزَأ بهم ويضطرون إلى الهجرة عن بلادهم، ولما أراد الله لهم عزاً وتمكيناً في الأرض، ورفعاً للظلم عنهم، هيأ لهم أسباب الجهاد بوجود الجماعة، والمكان الذي ينحازون إليه ويحتمون به، والعدة، وأذن لهم بالقتال ووعدهم بالنصر إذا استقاموا على نصر دينه، وقد فعلوا ما أمرهم به،

<<  <  ج: ص:  >  >>