وقد يتمادى الأمر فيتجرأ المفسدون على مدح الكفر والإلحاد والتشكيك والاستهزاء بمسلمات الدين بلا خوف ولا حياء.
وفي هذه الحال يتفكك المجتمع ويعادي بعضه بعضاً، وتزول رابطة الإيمان كرباط مشترك لجميع أفراده، وإنما تبقى رابطة بين أفراد طائفة من طوائفه، هي التي التزمت به وأخذت على عاتقها مسئولية تنفيذه والدفاع عنه.
وسيجد كل فكر خبيث خارجي فئة في المجتمع تسير على مبدئه، فيعمل من خلالها داخل المجتمع.
عندها يصبح من المتعذر اجتماع أفراد المجتمع على تحكيم نظم الإسلام، فتستبدل به الفكرة بالفكر المدمرة لكيان المجتمعات الإسلامية، ألا وهي الديمقراطية التي يحكم الناس بها الأهواء والقوانين الوضعية.
ويصبح بذلك أهل الإيمان المستمسكون به -في أحسن أحوالهم- طائفة من طوائف المجتمع ليس لهم إلا المجادلة عن أنفسهم بدل أن يكون الإسلام هو المهيمن على الجميع وكلمة الله هي العليا.
هذا مع أن اجتماع الناس في المجتمع الذي مزقته الفوضى الفكرية على الديمقراطية أو غيرها لا يكون في الغالب -كما يشاهد من الواقع- إلا بعد حروب أهلية طاحنة يتجرع فيها الناس أصنافاً من العذاب، ويذيق بعضهم بأس بعض.