بقوله "الأصل الأول توحيد الإلهية: فإنه سبحانه أخبر عن المشركين- كما تقدم - بأنهم أثبتوا وسائط بينه وبين الله يدعونهم ويتخذونهم شفعاء بدون إذن الله" يعني فلابد من تحقيق شهادة أن لا إله إلا الله فإن الله سبحانه قد كفر الذين دعوا معه آلهة أخرى أو تقربوا بهم إليه واتخذوهم وسطاء وشفعاء دون أن يأذن الله لهم بذلك. ثم استشهد المؤلف بجملة آيات تصرح بشرك وكفر من دعا غير الله، والتمس منه الشفاعة، وتبين الآيات أنهم لا يملكون لهم ضرا ولا نفعا وأنهم لا يشفعون إلا لمن ارتضى وأنه لا شفاعة عند لله إلا بإذنه وأن هؤلاء المدعوين من ملائكة وأنبياء وصالحين لا يملكون لأنفسهم ضرا ولا نفعا فضلا عن أن يملكوا ذلك لغيرهم وليس لهم من شرك في السموات ولا في الأرض ولا يملكون مثقال ذرة فيهما. وليست لله منهم عون ولا نصير بل الكون كله بأسره ملكه وتحت تصرفه، ثم بين المؤلف أن من تحقيق هذا الأصل أن يفرد الله جل وعلا بكل أنواع العبادة من خوف ورجاء وتوكل ورغبة وخشية وقد استشهد بعدة آيات فيها التصريح باستحقاق الله وحده سائر أنواع العبادات وإفراده بها دون من سواه، وأشار إلى بعض الأسرار التي تؤخذ من تعبير الآيات الكريمات كما في قوله سبحانه:{وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ} ، وكما في قوله:{وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ} ، وقوله عن نوح عليه السلام:{أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ} ، وقد بين الثاني بقوله:"الأصل الثاني في حق الرسول صلى الله عليه وسلم فعلينا أن نؤمن به صلى الله عليه وسلم ونطيعه ونرضيه ونحبه ونسلم لحكمه وأمثال ذلك " يعني ولابد من تحقيق شهادة أن محمدا رسول الله بأن يطاع في كل ما أمر ويجتنب ما عنه نهى وزجر وأن لا يعبد الله إلا بما شرع، وذلك يتضمن تقديم طاعته على طاعة كل أحد ومحبته وإرضائه باتباعه، وقد استشهد الشيخ على وجوب تحقيق هذا الأصل بجملة آيات، تبين أن طاعة الرسول طاعة لله وأن محبته ورضاه، مقرون برضاه.