للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكن تعقب ابن دقيق العيد هذا الاستدلال بما حاصله أنه لو كان ما رواه الجلد من حديث أنس بن مالك مرفوعاً لقوي هذا الاستدلال بعض القوة، بأنه كيف يسأل غيره وقد سبق علمه بالحكم عن النبي صلى الله عليه وسلم؟ ولما كان ما رواه موقوفاً على أنس لا يستقيم هذا الاستدلال حتى يثبت أن أنساً قال ذلك وأفتى به قبل سؤالهم لابن عباس، فيمكن أن يقال حينئذ: كيف سأل وعنده علم؟ وأيضاً ليس هناك ما يدل على أن الذي أرسل يسأل ابن عباس هو أنس (١).

وما ذكره ابن دقيق العيد وارد جداً، لكن قد تقدم من منهج الإمام أحمد وغيره من الأئمة وذكره المعلمي عنهم، حيث قال: "إذا استنكر الأئمة المحققون المتن وكان ظاهر السند الصحة فإنهم يتطلبون له علة، فإذا لم يجدوا علة قادحة مطلقاً حيث وقعت أعلّوه بعلة ليست بقادحة مطلقاً، ولكنهم يرونها كافية للقدح في ذاك المنكر" (٢)، فكيف والإسناد هنا ليس بظاهر الصحة!

ومنها: "ما ذكره الميموني أن أحمد ذُكر له أن الحوضي روى من طريق الأسود، عن عائشة مرفوعاً: "يقطع الصلاةَ المرأةُ، والحِمارُ، والكلب الأسودُ فقال أحمد: غلط الشيخ عندنا، هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي تقول: عدلتمونا بالكلب والحِمار؟ " (٣).

ولم أقف على رواية الحوضي هذه، وأوضح الحافظ ابن رجب وجه إنكار الإمام أحمد للحديث فقال: يعني: "لو كان هذا عندها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قالت ما قالت" (٤).


(١) انظر: الإمام ٢/ ١٩٦ - ١٩٧.
(٢) مقدمة الفوائد المجموعة ص ١١ - ١٢.
(٣) فتح الباري لابن رجب ٢/ ٧٠٥.
(٤) الموضع نفسه.

<<  <  ج: ص:  >  >>