كشف حَقِيقَة
قَالَ وَهَذَا الترفع إِنَّمَا يحصل من توهم الْكَمَال واحتياج النا إِلَيْهِ كالعالم المتجر وَالْكَاتِب الماهر الْمجِيد والشاعر البليغ وكل محسن فِي صناعته كَمَا يتَوَهَّم ذَوُو الْأَنْسَاب فِي تعززهم بِمَا رَأَوْهُ أَو سَمِعُوهُ من حَال ابائهم استمساكا فِي الْحَاضِر بالمعدوم إِذْ الْكَمَال لَا يُورث وكما يتخيل ذَوُو الحنكة والتجربة فِي الِاحْتِيَاج إِلَيْهِم وكل هَؤُلَاءِ تجدهم مرتفعين لَا يخصمون لذِي جاه وَلَا يتملقون لمن هُوَ اعلى مِنْهُم ويستصغرون من سواهُم لاعتقادهم الْفضل عَلَيْهِ وَيُحَاسب أحدهم النَّاس فِي معاملتهم اياه بِمِقْدَار مَا يسر فِي نَفسه ويحقد على من قصر لَهُ فِي شَيْء من ذَلِك وَرُبمَا يدْخل على نَفْيه الهموم والاحزان من تقصيرهم مَعَه وَيبقى فِي عناء عَظِيم من ايجاب الْحق لنَفسِهِ واباية النَّاس لَهُ من ذَلِك وكل هَذَا فِي ضمن الجاه فَإِذا فَقده بِهَذَا الْخلق مقته النَّاس بِهِ وَلم يحصل لَهُ حَظّ من احسانهم وَقعد عَن تعاهد من فَوْقه بغشيان مَنَازِلهمْ ففسد معاشه وَبَقِي فِي خصَاصَة وفقر وَفَوق ذَلِك بِقَلِيل واما الثورة فَلَا تحصل لَهُ أصلا
قَالَ وَمن هَذَا اشْتهر بَين النَّاس أَن الْكَامِل فِي الْمعرفَة محروم من الْحَظ وانه قد حُوسِبَ بِمَا رزق مِنْهَا واقتطع لَهُ ذَلِك من الْحَظ وَمن خلق لشَيْء يسر لَهُ انْتهى مُلَخصا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute