للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة عشرَة أَن الامصار الَّتِي هِيَ كراسي الْملك تخرب بخراب الدول

قَالَ قد استقرينا فِي الْعمرَان أَن الدولة إِذا انتقصت فان الْمصر الَّذِي يكون كرسيا لسلطانها ينتقص عمرانه وَرُبمَا يَنْتَهِي إِلَى الخراب وَلَا يكَاد ذَلِك يتَخَلَّف ثمَّ اسْتدلَّ بِأُمُور نذكرها ملخصة من كَلَامه

أَحدهَا أم مصير هَذَا الْكُرْسِيّ فِي ملكة الدولة المتجدد يذهب بالكثير من احوال الرفه لرجوع اهله إِلَى خلق تِلْكَ الدولة فِي تقليل تِلْكَ النَّفَقَة لما توجبه بداوة بدايتها فينقص بذلك حضارته وَكثير من عوائد ترفه وَهُوَ المُرَاد بخرابه من تِلْكَ الْجِهَة

الثَّانِي أَن عوائد أهل الدولة السَّابِقَة وخصوصا احوال الترفه ينكرها أهل الدولة لَكمَا بَينهم من المنافسات الناشئة عَن الْعَدَاوَة المتمكنة وَإِذا كَانَت مُنكرَة لديهم صَارَت لذَلِك مفقودة إِلَى أَن تنشأ لَهُم بالتدريج عوائد أُخْرَى تكون عَنْهَا حضارة مستأنفة وَضعهَا بَين ذَلِك قُصُور الحضارة الأولى ونقضها وَهُوَ المُرَاد أَيْضا باختلال عمرَان الْمصر

الثَّالِث أَن الدولة إِذا اتَّخذت كرسيا لملكها غير مَا كَانَ للدولة السَّابِقَة تسارع النَّاس بالانتقال إِلَيْهِ وخف لذَلِك عمرَان الْكُرْسِيّ الأول فنقصت حضارته وتمدنه كَمَا وَقع للْعَرَب فِي الْعُدُول عَن الْمَدَائِن إِلَى الْكُوفَة وَالْبَصْرَة ولبني الْعَبَّاس فِي التَّحَوُّل عَن دمشق إِلَى بَغْدَاد وللسلجوقية فِي الْخُرُوج عَن بَغْدَاد إِلَى اصبهان وَبني مرين فِي الْعُدُول عَن مراكش إِلَى فاس

الرَّابِع أَن الدولة المتجددة لَا بُد فِيهَا من تتبع أهل الدولة السَّابِقَة ذَا غلبت عَلَيْهَا بتحويلهم إِلَى مصر آخر يُؤمن فِيهِ غائلتهم وهم اكثر

<<  <  ج: ص:  >  >>