للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قَالَ فافهمه وَقس عَلَيْهِ

الْمَسْأَلَة أَن المباني والمصانع فِي الْملَّة الاسلامية قَليلَة بِالنِّسْبَةِ إِلَى قدرتها والى من كَانَ قبلهَا من الامم وَذَلِكَ لامرين

أَحدهمَا مَا ذكر على البربر بِعَيْنِه لَان الْعَرَب اعرق فِي البدو وابعد عَن الصنائه

الثَّانِي انهم كَانُوا قبل الْإِسْلَام اجانب من الممالك الَّتِي استوالوا عَلَيْهَا وَلما تمالكوا لم ينفسح الْأَمر حَتَّى تستوفي رسوم الحضارة مَعَ انهم استغنوا بِمَا وجدوا من ذَلِك لغَيرهم

زاجر دين قَالَ ابْن خلدون لاخفاء أَن الدّين إِذْ ذَاك كَانَ مَانِعا لَهُم من المغلاة فِي الْبُنيان والاسراف فِيهِ وَفد عهد لَهُم عمر رَضِي الله عَنهُ حِين استأذنوه فِي بِنَاء الْكُوفَة بِالْحِجَارَةِ وَقد وَقع الْحَرِيق فِي الْقصب الَّذِي كَانُوا بنوا بِهِ من قبل فَقَالَ افعلوا وَلَا يزدن احدكم على ثَلَاثَة ابيات وَلَا تطاولوا فِي الْبُنيان والزموا السّنة تلزمكم الدولة وعهد للوفد وَتقدم إِلَى النَّاس إِلَّا يرفعوا بنيانا فَوق الْقدر قَالُوا الْقدر مَالا يقربكم من السَّرف وَلَا يخرجكم عَن الْقَصْد

تَغْيِير حَال قَالَ وَلما بعد بِالدّينِ والتحرج فِي امثال هَذِه الْمَقَاصِد وغلبت طبيعة الْملك والترف واستخدام الْعَرَب امة الْفرس واخذوا عَنْهُم الصنائه والمباني فَحِينَئِذٍ شيدوا المباني والمصانع وَكَانَ عهد ذَلِك قَرِيبا بانقراض الدولة وَلم يفسح الْأَمر لِكَثْرَة الْبناء واختطاط المدن والأمصار إِلَّا قَلِيلا

وَلَيْسَ كَذَلِك غَيرهم من الامم فالفرس والقبط والنبط وَالروم طَالَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>