بَيَان الأول أَن الدول فِي بدايتها لَا بُد من الرِّفْق فِي ملكتها إِمَّا من الدّين أَن كَانَت دعوتها دينية أَو من المكارمة الَّتِي تقتضيها بداوتها الطبيعة وَعند ذَلِك تنبسط امال الرّعية فِي الْعمرَان واسبابه فيتوفر وَيكثر التناسل وَلما كَانَ ذَلِك بالتدريج فأثره إِنَّمَا يظْهر بعد جيل أَو جيلين فِي الْأَقَل وَبعد ذَلِك تشرف الدولة على نِهَايَة عمرها الطبيعي فَيكون الْعمرَان حِينَئِذٍ فِي غَايَة الوفور والنماء لَا يُقَال قد تقدم أَن اواخر الدول يكون فِيهَا الاجحاف بالرعية وَسُوء الملكة لَهَا لانا نقُول الاجحاف وان حدث حِينَئِذٍ وَقلت الجباية فَإِنَّمَا يظْهر اثره فِي تنَاقض الْعمرَان بعد حِين على حسب التدريج فِي الْأُمُور الطبيعية فَلَا تعَارض بَين الْمَوْضِعَيْنِ
بَيَان الثَّانِي أَن كَثْرَة وُقُوع المجاعات إِمَّا من الْعدوان فِي الجبايات وَالْأَمْوَال والفتن الْحَادِثَة من انتفاض الرعايا أَو كَثْرَة الْخَوَارِج لهرم الدولة فيقل فِي كَثْرَة احتكار الزَّرْع غَالِبا وصلاحه لَا يتسم على وتيرة وَاحِدَة إِذْ طبيعة الْعَالم فِي كَثْرَة الامطار وقلتها مُخْتَلفَة وَالزَّرْع وَالثِّمَار والضرع على نِسْبَة ذَلِك