(أَحْسَنت ظَنك بِالْأَيَّامِ إِذْ حسنت ... وَلم تخف سوء مَا يَأْتِي بِهِ الْقدر)
(وساعدتك اللَّيَالِي فاغتررت بهَا ... وَعند صفو اللَّيَالِي يحدث الكدر)
قَالَ وَإِذا على جَانب السهْم مَكْتُوب هَمدَان مِنْهَا رجل مظلوم فِي حَبسك فَبعث من فوره من خاصته ففتشوا السجْن فوجدوا شَيخنَا فِي بَيت من السجْن فِيهِ سراج يسرج وعَلى بَابه جَارِيَة وَإِذا شيخ موثق بالحديد مُتَوَجّه نَحْو الْقبْلَة يردد هَذِه الاية {وَسَيعْلَمُ الَّذين ظلمُوا أَي مُنْقَلب يَنْقَلِبُون} فَسَأَلُوهُ عَن بِلَاده فَقَالَ هَمدَان فَحمل وَوضع بَين يَدي الْمَنْصُور فَسَأَلَهُ عَن حَاله فاخبره انه نم مَدِينَة هَمدَان من ارباب النعم بهَا وان واليك علينا دخل بِلَادنَا ولي ضيعته تَسَاوِي ألف ألف دِرْهَم أَرَادَ اخذها مني فامتنعت فكبلني بالحديد وحملني وَكتب أَنِّي عَاص فطرحت فِي هَذَا الْمَكَان فَقَالَ الْمَنْصُور مُنْذُ كم قَالَ مُنْذُ اربعة اعوام أَمر بفك الْحَدِيد عَنهُ والاحسان اليه وانزله احسن منزل وَقَالَ لَهُ يَا شيخ قد رددنا عَلَيْك ضيعتك بخراجها مَا عِشْت وَمَا عِشْنَا واما مَدِينَة هَمدَان فقد وليناك عَلَيْهَا واما الْوَالِي فقد حكمناك فِيهِ وَجَعَلنَا امْرَهْ اليك فجزاه الشَّيْخ خيرا ودعا لَهُ بِالْبَقَاءِ وَقَالَ يَا امير الْمُؤمنِينَ إِمَّا الضَّيْعَة فقد قبلتها واما الْولَايَة فَلَا اصلح لَهَا واما واليك فقد عَفَوْت عَنهُ أَمر لَهُ الْمَنْصُور بِمَال جزيل وَبرا وَاسع واستحله وَحمله إِلَى بَلَده مكرما بعد أَن صرف الْوَالِي وعاقبه على مَا جناه وسال الشَّيْخ مُكَاتبَته فِي مهماته واخبار بَلَده واعلامه بِمَا يكون من ولَايَته على الْحَرْب وَالْخَرَاج ثمَّ انشأ الْمَنْصُور يَقُول
(من يصحب الدَّهْر لَا يَأْمَن تصرفه ... يَوْمًا وللدهر احلاء وامرار)
(وكل شَيْء وان دَامَت سَلَامَته ... إِذا انْتهى فَلهُ لَا بُد اقْتِصَار)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute