للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْأَدَب الثَّالِث أَن يستشعر الصَّبْر فِي خدمته على كل حَال فَفِي الأفلاطونيات اسْتعْمل الصَّبْر فِي خدمَة الْمُلُوك لَيْسَ عِنْد الْمَكْرُوه وَحده وَلَكِن فِي المحبوب مثل أَن تصبر على مَا وَعدك وَلَا تكره بإنجازه

قلت وَذَلِكَ لأمرين

أَحدهمَا أَنه لَا ملْجأ لَهُ إِلَى البدار بِالنّظرِ فِي خَاص أَو عَام إِلَّا بعد الْفَرَاغ إِلَيْهِ مِمَّا هُوَ أهم فِي نفس الْأَمر أَو عِنْده وَحِينَئِذٍ فالصبر هُوَ المرجوع إِلَيْهِ وَمن ثمَّ قَالَ أفلاطون أَيْضا اصبر على سلطانك فلست بأكبر شغله وَلَا بك قوام أمره

الثَّانِي أَنه مَتى وَطن راجيه على مُلَازمَة الصَّبْر مَعَ إِسْقَاط الترفع عَن الخضوع لَهُ كَانَ أقرب لحُصُول مَقْصُوده فقد قيل من لزم بَاب السُّلْطَان بصبر جميل وكظم الغيظ وإطراح الأنفة وصل إِلَى حَاجته

حِكَايَة قيل أَنه قَامَ رجل على بَاب كسْرَى سنة فَلم يُؤذن لَهُ فَقَالَ لَهُ الْحَاجِب أكتب كتابا وخففه أوصله لَك فَقَالَ لَا أَزِيد على أَرْبَعَة أسطر فَكتب فِي السطر الأول الأمل والضرورة أقدماني على الْملك وَفِي الثَّانِي لَيْسَ مَعَ الْعَدَم صَبر على الْمطلب وَفِي الثَّالِث الرُّجُوع بِلَا إِفَادَة شماتة الْأَعْدَاء وَفِي الرَّابِع إِمَّا نعم مثمرة وَألا آمال ميؤسة فَوضع كسْرَى تَحت كل سطر عَلامَة انْصَرف بهَا بِسِتَّة عشر ألف دِرْهَم

الْأَدَب الرَّابِع أَن يَصْحَبهُ بالهيبة وَالْوَقار قَالُوا لِأَنَّهُ إِنَّمَا احتجب لأجل ذَلِك فَلَا يتْرك الهيبة مَعَه

قلت وَإِلَّا وَقع فِي محذورين

<<  <  ج: ص:  >  >>