قال أبو الفتح: الذى رويناه عن قطرب فى هذا أن قراءة مجاهد «فلا تشمت بى الأعداء» رفع-كما ترى-بفعلهم، فالظاهر أن انصرافه إلى الأعداء، ومحصوله: يا ربّ لا تشمت أنت بى الأعداء، كقراءة الجماعة.
فأما مع النصب فإنه كأنه قال: لا تشمت بى أنت يا رب، وجاز هذا كما قال الله سبحانه:{اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ} ونحوه مما يجرى هذا المجرى، ثم عاد إلى المراد فأضمر فعلا نصب به الأعداء، فكأنه قال: لا تشمت بى الأعداء كقراءة الجماعة.
***
{هُدْنا إِلَيْكَ}(١٥٦) ومن ذلك قراءة أبى وجزة السعدى: «هدنا إليك».
قال أبو الفتح: أما «هدنا» بضم الهاء مع الجماعة فتبنا، والهود: جمع هائد، أى تائب.
وأما «هدنا» بكسر الهاء فى هذه القراءة فمعناه انجذبنا وتحركنا، يقال: هادنى يهيدنى هيدا، أى جذبنى وحركنى، فكأنه قال: إنا هدنا أنفسنا إليك، وحركناها نحو طاعتك.
قال:
ألمّا عليها فانعيانى وانظرا … أينصتها أم لا يهيّدها ذكرى
أى: أم لا يهيجها ويهزها ذكرى، ومنه قولهم فى زجر الإبل: هيد، أى أسرعى.
قال ذو الرمة:
إذا حداهن بهيد هيد … صفحن للأزرار بالخدود
***
{النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ}(١٥٧) ومن ذلك قال ابن رومى: حدثنى أحمد بن موسى، وحدثنى الثقة عنه أنه قرأ:«النبىّ الأمّىّ» بفتح الهمزة، يقول: يأتم به من قبله.