للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وجود مُقَدّمَة وجوده من حَيْثُ هُوَ كَذَلِك كَالصَّوْمِ مثلا، فَإِنَّهُ وَاجِب مُطلقًا بِالْقِيَاسِ إِلَى النِّيَّة.

وَالْوَاجِب الْمُقَيد: مَا يتَوَقَّف وجوده على وجود مُقَدّمَة وجوده من حَيْثُ هُوَ كَذَلِك فَهُوَ كَالصَّوْمِ مثلا أَيْضا فَإِنَّهُ مُقَيّد بِالْقِيَاسِ إِلَى الْبلُوغ] .

وَقَول الْفُقَهَاء: الْوَاجِب مَا إِذا لم يَفْعَله يسْتَحق الْعقَاب، وَذَلِكَ وصف لَهُ بِشَيْء عَارض لَا بِصفة لَازِمَة، وَيجْرِي مجْرى من يَقُول: " الْإِنْسَان الَّذِي إِذا مَشى برجلَيْن منتصب الْقَامَة ".

وَاخْتلف فِي أَن الْوُجُوب فِي الْوَاجِب هَل هُوَ زَائِد على الْوُجُود أم لَا؟ [قَالَ الإِمَام أَبُو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ: الْوُجُوب فِي الْوَاجِب زَائِد على الْوُجُود وَقد يرْتَفع، وَالْإِمَام الثَّانِي رَحمَه الله مَعَه] ، وَلَا يلْزم من ارْتِفَاع الْوُجُوب ارْتِفَاع الْجَوَاز وَالصِّحَّة، إِمَّا لِأَنَّهُ أخص، أَو لِأَن بطلَان الْوَصْف لَا يُوجب بطلَان الأَصْل خلافًا لمُحَمد لِأَن الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة على الموجودات الخارجية والوجود الْخَارِجِي للعام وَالْخَاص وَاحِد وَأَن تعدّدا فِي التعقل، فحين بَطل بَطل بِأَصْلِهِ، وَنَفس الْوُجُوب هُوَ لُزُوم وجود هَيْئَة مَخْصُوصَة وضعت لعبادة الله حِين حضر الْوَقْت، وَوُجُوب الْأَدَاء هُوَ لُزُوم ايقاع تِلْكَ الْهَيْئَة.

[وَقد تقرر فِي مَحَله أَن الْقُدْرَة على أَدَاء الْفِعْل الْمَطْلُوب إِيقَاعه شَرط لوُجُوب أَدَائِهِ لَا لنَفس الْوُجُوب فَهُوَ وَاجِب مُطلقًا لَا يحصل إِلَّا بِالْقُدْرَةِ وَهِي. غير وَاجِبَة لعدم كَونهَا مقدورة. وَوُجُوب

الشَّيْء بِمَعْنى اسْتِحْقَاق فَاعله وتاركه فِي حكم الله الْمَدْح والذم عَاجلا وَالثَّوَاب وَالْعِقَاب آجلاً فَهُوَ الْمُتَنَازع فِي أَنه هَل يدْرك بِالشَّرْعِ أم بِالْعقلِ فعندنا بِالشَّرْعِ وَعند الْمُعْتَزلَة بِالْعقلِ، وَأما بِمَعْنى اسْتِحْقَاق فَاعله الْمَدْح وتاركه الذَّم فِي نظر الْعُقُول ومجاري الْعَادَات فَمَا يدْرك بِالْعقلِ اتِّفَاقًا] .

(وَالْوُجُوب الشَّرْعِيّ: مَا أَثم تَاركه) .

والعقلي: مَا لولاه لامتنع.

والعادي: بِمَعْنى الأولى والأليق.

وَقد يُطلق الْوَاجِب على ظَنِّي فِي قُوَّة الْفَرْض فِي الْعَمَل كالوِتْر عِنْد أبي حنيفَة حَتَّى يمْنَع تذكره صِحَة الْفجْر. وَيُطلق أَيْضا على ظَنِّي هُوَ دون الْفَرْض فِي الْعَمَل وَفَوق السّنة كتعيين الْفَاتِحَة حَتَّى لَا تفْسد الصَّلَاة بِتَرْكِهَا لَكِن يجب سَجْدَة السَّهْو.

وَالْوَاجِب مَا لَا يتَصَوَّر فِي الْعقل عَدمه.

والضروري مِنْهُ كالتحيز مثلا للجرم، والنظري كالقِدَم للباري سُبْحَانَهُ.

وَالْوُجُوب عِنْد الأشاعرة من جِهَة أَنه لَا قَبِيح مِنْهُ تَعَالَى، وَلَا وَاجِب عَلَيْهِ يكون بِالشَّرْعِ وَلَا يتَصَوَّر ذَلِك فِي فعله تَعَالَى، فَلَا يتَصَوَّر مِنْهُ تَعَالَى فعل قَبِيح وَترك وَاجِب. فَكل مَا أخبر بِهِ الشَّارِع فَلَا بُد أَن يَقع. وَمِنْه معنى الْوُجُوب [عَلَيْهِ تَعَالَى] وَإِلَّا لزم الْكَذِب.

والمعتزلة - من جِهَة أَن مَا هُوَ قَبِيح يتْركهُ وَمَا يجب عَلَيْهِ يَفْعَله الْبَتَّةَ - قَائِلُونَ بِالْوُجُوب بِمَعْنى اسْتِحْقَاق تَاركه الذَّم عقلا، أَو بِمَعْنى لُزُوم عَلَيْهِ لما فِي

<<  <   >  >>