الْإِنْسَان ليطْغى} فَجَاز أَن يُقَال: إِنَّه اسْم حِينَئِذٍ، لَكِن النُّحَاة حكمُوا بحرفيتها إِذا كَانَت بِمَعْنى حَقًا أَيْضا قَالَ الديربي:
(وَمَا نزلت كلا بِيَثْرِب فاعلمن ... وَلم تأت فِي الْقُرْآن فِي نصفه الْأَعْلَى)
وَحِكْمَة ذَلِك أَن النّصْف الْأَخير نزل أَكْثَره بِمَكَّة وَأكْثر قَومهَا جبابرة فتكررت فِيهِ على وَجه التهديد والتعنيف لَهُم وَالْإِنْكَار عَلَيْهِم
[وَفِي " الإتقان] : كلا فِي الْقُرْآن فِي ثَلَاثَة وَثَلَاثِينَ موضعا مِنْهَا سبع للردع اتِّفَاقًا، وَالْبَاقِي مِنْهَا مَا هُوَ بِمَعْنى حَقًا قطعا، وَمِنْهَا مَا احْتمل الْأَمريْنِ، وتفصيله هُنَاكَ]
كَذَا: هِيَ إِذا كَانَت كِنَايَة عَن غير عدد كَانَت مُفْردَة ومعطوفة خَاصَّة وَلَا يحفظ تركيبها وَإِذا كَانَت كِنَايَة عَن عدد فَلَا يحفظ إِلَّا كَونهَا معطوفة وَلَا يحفظ كَونهَا مُفْردَة وَلَا مركبة
وَالْأَصْل فِي هَذِه اللَّفْظَة (ذَا) فَأدْخل عَلَيْهَا كَاف التَّشْبِيه إِلَّا أَنه قد انخلع من (ذَا) معنى الْإِشَارَة وَمن الْكَاف معنى التَّشْبِيه، إِذْ لَا إِشَارَة وَلَا تَشْبِيه، فَنزلت الْكَاف منزلَة الزَّائِدَة اللَّازِمَة، و (ذَا) مجرورة بهَا، إِلَّا أَن الْكَاف لما امتزجت ب (ذَا) وَصَارَت مَعَه كالجزء الْوَاحِد ناسبت لفظتهما لَفْظَة (حبذا) فِي أَن لَا تلحقها عَلامَة التَّأْنِيث
ثمَّ إِن (كَذَا) لما كَانَت كِنَايَة عَن الْعدَد فَإِذا قَالَ: (لَهُ عَليّ كَذَا درهما) فنصب (درهما) يلْزمه عشرُون لِأَن أقل عدد يُمَيّز بالمفرد الْمَنْصُوب وَهُوَ غير مركب عشرُون، وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حنيفَة، وَلَو جَرّه فَالْمَشْهُور من مَذْهَب أبي حنيفَة أَنه لَا يلْزمه إِلَّا دِرْهَم وَاحِد، وعَلى قَضِيَّة الْعَرَبيَّة يلْزمه حِينَئِذٍ مائَة لِأَنَّهُ أقل عدد (يُمَيّز بالمفرد الْمَجْرُور، وَهُوَ رِوَايَة عَن بعض أَصْحَاب أبي حنيفَة وَلَو رَفعه يلْزمه دِرْهَم وَاحِد بِلَا خلاف، لِأَن الغدد) لَا يُفَسر بالمرفوع وَقد لَفظه بدرهم، وَلَو قَالَ: (كَذَا كَذَا درهما) يلْزمه فِي حكم الْإِعْرَاب أحد عشر درهما، لِأَنَّهُ أول عدد مركب يُفَسر بمفرد مَنْصُوب وَبِه قَالَ أَبُو حنيفَة، وَلَو قَالَ: (كَذَا وَكَذَا درهما) بالْعَطْف يلْزمه فِي حكم الْإِعْرَاب أحد وَعِشْرُونَ، لِأَنَّهَا أول عدد مَعْطُوف يُمَيّز بمفرد مَنْصُوب، وَإِنَّمَا أُجِيز إِضَافَة اسْم الْإِشَارَة فِي صُورَة جر دِرْهَم لكَونهَا كِنَايَة عَن الْعدَد فِي صُورَة انتصابه بِمَا فِي الْكَاف أَو فِي (ذَا) من الْإِبْهَام
(وَلم ترد كَذَا فِي الْقُرْآن إِلَّا للْإِشَارَة نَحْو: {أهكذا عرشك}
وَلَفْظَة (كَذَا فِي كَذَا) تسْتَعْمل فِي معَان مُخْتَلفَة بالاشتراك أَو الْمجَاز، ككون الشَّيْء فِي الزَّمَان، وَكَونه فِي الْمَكَان، وَالْعرض فِي الْمحل، والجزء فِي الْكل
الْكَاف: الْكَاف الَّتِي هِيَ من الْحُرُوف الجارة تحْتَاج فِي الدّلَالَة على الْمَعْنى إِلَى الْمُتَعَلّق، وَالَّتِي بِمَعْنى الْمثل لَا تحْتَاج إِلَيْهِ
وللكاف الجارة الحرفية خَمْسَة معَان: التَّشْبِيه وَهُوَ الْغَالِب
وَالتَّعْلِيل كَمَا حَكَاهُ سِيبَوَيْهٍ وَمِنْه: (كَمَا أرسلنَا