للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حرم رَبِّي الْفَوَاحِش} إِذْ لَيْسَ (إِنَّمَا) فِيهِ للحصر، والحصر فِي {إِنَّمَا إِلَهكُم الله} من أَمر خَارج، وَذَلِكَ أَنه سيق للرَّدّ على المخاطبين فِي اعْتِقَادهم إلهية غير الله وَالْجُمْهُور على أَن (أَنما) بِالْفَتْح لَا يُفِيد الْحصْر؛ وَالْفرع لَا يجب أَن يجْرِي على وتيرة الأَصْل فِي جَمِيع أَحْكَامه وَقيل: الْمَفْتُوحَة أصل الْمَكْسُورَة؛ وَقيل: كل مِنْهُمَا أصل بِرَأْسِهِ، وَأحسن مَا يسْتَعْمل (إِنَّمَا) فِي مَوَاضِع التَّعْرِيض نَحْو: {إِنَّمَا يتَذَكَّر أولو الْأَلْبَاب} إِن: بِالْكَسْرِ وَالتَّشْدِيد هِيَ فِي لُغَة الْعَرَب تفِيد التَّأْكِيد وَالْقُوَّة فِي الْوُجُود، وَلِهَذَا أطلقت الفلاسفة لفظ الإنية على وَاجِب الْوُجُود لذاته، لكَونه أكمل الموجودات فِي تَأْكِيد الْوُجُود وَفِي قُوَّة الْوُجُود، وَهَذَا لفظ مُحدث لَيْسَ من كَلَام الْعَرَب

(وَإِن) من الْحُرُوف الَّتِي شابهت الْفِعْل فِي عدد الْحُرُوف وَالْبناء على الْفَتْح وَلُزُوم الْأَسْمَاء وَإِعْطَاء مَعَانِيهَا والتعدي خَاصَّة فِي دُخُولهَا على اسْمَيْنِ، وَلذَلِك عملت عمله الفرعي، وَهُوَ نصب الْجُزْء الأول وَرفع الثَّانِي إِيذَانًا بِأَنَّهُ فرع فِي الْعَمَل دخيل فِيهِ

وَهِي مَعَ (مَا) فِي حيزها جملَة وَلَا تعْمل فِي موضعهَا عوامل الْأَسْمَاء

والمفتوحة مَعَ (مَا) فِي حيزها مُفْرد وتعمل فِي موضعهَا عوامل الْأَسْمَاء، وَإِنَّمَا اخْتصّت الْمَفْتُوحَة فِي مَوضِع الْمُفْرد لِأَنَّهَا مَصْدَرِيَّة فَجرى مجْرى (أَن) الْخَفِيفَة

وَقد تنصب الْمَكْسُورَة الِاسْم وَالْخَبَر كَمَا فِي حَدِيث: " إِن قَعْر جَهَنَّم سبعين خَرِيفًا " وَقد يرْتَفع بعْدهَا الْمُبْتَدَأ فَيكون اسْمهَا ضمير شَأْن محذوفا نَحْو: " إِن من أَشد النَّاس عذَابا يَوْم الْقِيَامَة المصورون " وَالْأَصْل إِنَّه

و (إِن) و (أَن) كِلَاهُمَا حرفا تَحْقِيق، فَلَا يجوز الْجمع بَينهمَا، لأَنا إِذا منعنَا الْجمع بَين (ان) وَاللَّام لاتِّفَاقهمَا فِي الْمَعْنى، مَعَ أَنَّهُمَا مفترقان فِي اللَّفْظ، فَلِأَن نمْنَع الْجمع بَين (إِن) و (أَن) مَعَ اتِّفَاقهمَا لفظا وَمعنى أولى وَقَالَ بَعضهم: (إِن) الشَّدِيدَة الْمَكْسُورَة إِنَّمَا لَا تدخل على الْمَفْتُوحَة إِذا لم يكن بَينهمَا فصل، وَأما إِذا كَانَ فصل فَلَا منع، للاطباق على جَوَاز (إِن عِنْدِي أَن زيدا منطلق)

و (إِن) الْمَكْسُورَة لَا تغير معنى الْجُمْلَة بل تؤكدها، والمفتوحة تغير معنى الْجُمْلَة، لِأَنَّهَا مَعَ الْجُمْلَة الَّتِي بعْدهَا فِي حكم الْمُفْرد؛ وَلِهَذَا وَجب الْكسر فِي كل مَوضِع تبقى الْجُمْلَة بِحَالِهَا، وَوَجَب الْفَتْح فِي كل مَوضِع يكون مَا بعْدهَا فِي حكم الْمُفْرد

وَكسرت همزَة (إِن) بعد القَوْل نَحْو: {قَالَ إِنَّه يَقُول إِنَّهَا} لِأَن مقول القَوْل جملَة

وَبعد الدُّعَاء نَحْو: {رَبنَا إِنَّك}

وَبعد النَّهْي نَحْو: {لَا تحزن إِن الله مَعنا}

وَبعد النداء نَحْو: {يَا لوط إِنَّا رسل رَبك}

وَبعد (كلا) نَحْو: {كلا إِنَّهُم}

<<  <   >  >>