قادم عَلَيْهِ وَإِذا قدم عَلَيْهِ فَلَيْسَ لأحد مِنْهُ حَظّ سواهُ فَاسْتَأْذن حِينَئِذٍ وَانْصَرف مكرماً خير من أَن تَنْصَرِف مجفوا قَالَ فأقمت بِبَابِهِ شهرا ثمَّ قدم عَلَيْهِ خَارِجَة ابْن سِنَان ومنظور بن زبان الفزاريان وَكَانَ بَينهمَا وَبَين النُّعْمَان دخلل أَي خَاصَّة وَكَانَ مَعَهُمَا النَّابِغَة قد استجار بهما وسألهما مسالة النُّعْمَان أَن يرضى عَنهُ فَضرب عَلَيْهِمَا قبَّة وَلم يشْعر أَن النَّابِغَة مَعَهُمَا فَدس النَّابِغَة قينة تغنية بِشعرِهِ
(يَا دارمية بالْعلياء فالسَّندِ ... )
فَلَمَّا سمع الشّعْر قَالَ أقسم بِاللَّه إِنَّه لشعر النَّابِغَة وَسَأَلَ عَنهُ فَأخْبر أَنه مَعَ الفزاريين وَكَلَّمَاهُ فِيهِ فَأَمنهُ ثمَّ خرج فِي غب سَمَاء فعارضه الفزاريان والنابغة بَينهمَا قد خضب بحناء وأقنى خضابه فَلَمَّا رَآهُ النُّعْمَان قَالَ هِيَ بِدَم كَانَت أَحْرَى أَن تخضب فَقَالَ الفزاريان أَبيت اللَّعْن لَا تَثْرِيب قد أجرناه وَالْعَفو أجمل قَالَ فَأَمنهُ واستنشده أشعاره فَعِنْدَ ذَلِك قَالَ حسان بن ثَابت فحسدته على ثَلَاث لَا أَدْرِي على أيتهن كنت أَشد لَهُ حسداً على إدناء النُّعْمَان لَهُ بعد المباعدة ومسايرته لَهُ وإصغائه إِلَيْهِ أم على جودة شعره أم على مائَة بعير من عصافيره أَمر لَهُ بهَا
قَالَ وَكَانَ النَّابِغَة يَأْكُل وَيشْرب فِي آنِية الذَّهَب وَالْفِضَّة من عطايا النُّعْمَان وَأَبِيهِ وجده لَا يسْتَعْمل غير ذَلِك
وَقيل إِن السَّبَب فِي رُجُوع النَّابِغَة إِلَيْهِ بعد هربه مِنْهُ أَنه بلغه أَنه عليل لَا يُرْجَى فأقلقه ذَلِك وَلم يملك الصَّبْر على الْبعد عَنهُ مَعَ علته وَمَا خافه عَلَيْهِ وأشفق من حُدُوثه بِهِ فَصَارَ إِلَيْهِ فألفاه مَحْمُولا على سَرِير ينْقل مَا بَين الْعمرَان وقصور الْحيرَة فَقَالَ لعصام حَاجِبه
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute