للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد انضمَّتْ دولُ العالم الإسلامي إلى عضوية الأمم المتحدة، فالتزمت بذلك بأهم مبادئ ميثاقها، وهو: «أن تكون العلاقة بين الدول قائمة على السَّلام» (١). ولا شكَّ أن هذا قد أحدث تغيُّرًا مهمًا في أصل العلاقة بين الدول، إذ صارت مبنيَّة ابتداء على «السلام» لا على «الحرب»، على العكس تمامًا مما كان عليه الحال في العصور السابقة.

ومثل هذا التغيُّر معتبرٌ في الشريعة الإسلامية، لهذا لم يُغْفِلْهُ الفقهاء المعاصرون، بل تطرَّقوا إليه منذ حصوله، وأكتفي هنا باقتباس مهمٍّ، يمثِّل سابقةً علميةً مبكِّرةً في توصيف هذه النازلة، وهو لواحدٍ من أشهر فقهاء القرن الماضي الشيخ محمد أبو زهرة (٢)، حيث قال رحمه الله:

«إنَّه يجبُ أن يُلاحظ أنَّ العالمَ الآنَ تجمعُه منظمةٌ واحدةٌ، قد التزم كلُّ أعضائها بقانونها ونظمها. وحكم الإسلام في هذه: أنه يجب الوفاءُ بكلِّ العهود والالتزامات التي تلتزمها الدُّولُ الإسلاميةُ، عملاً بقانون الوفاء بالعهد


(١) انظر: «الموسوعة العربية العالمية» (مادة: الأمم المتحدة).
(٢) العلامة الفقيه محمد بن أحمد أبو زهرة (١٣١٦ - ١٣٩٤/ ١٨٩٨ - ١٩٧٤): من أكبر علماء الشريعة الإسلامية في عصره، ولد في المحلَّة الكبرى التابعة لمحافظة الغربية بمصر، تخرج من مدرسة القضاء الشرعي (١٣٤٣/ ١٩٢٤)، ثم من دار العلوم (١٣٤٦/ ١٩٢٧)، واختير سنة (١٣٥٢/ ١٩٣٣) للتدريس في كلية أصول الدين ثم أستاذًا للدراسات العليا فيها، ثم في كلية الحقوق بجامعة القاهرة لتدريس مادة الخطابة بها، ومادة الشريعة الإسلامية، وترأس قسم الشريعة وشغل منصب الوكالة فيها، وأحيل إلى التقاعد سنة (١٣٧٨/ ١٩٥٨)، واختير عضوًا في مجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر سنة (١٣٨٢/ ١٩٦٢). اشتهر بمقالات وبحوث وكتب كثيرة عالج فيها جوانب مختلفة ودقيقة في الفقه الإسلامي، مثل المِلْكية، ونظرية العقد، والوقف وأحكامه، والوصية وقوانينها، والتركات والتزاماتها، والأحوال الشخصية، والربا، وتراجم أشهر فقهاء الإسلام. مترجم في «الأعلام» للزِّرِكليِّ (٦/ ٢٥).

<<  <   >  >>