للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإن كان في مواطنيها قليل أو كثير من المسلمين الذين يتمتَّعون بحريتهم وحقوقهم حسب أنظمة البلد الذي يقيمون فيه.

ثالثًا: دار الحرب:

جرَى عامَّة الفقهاء على وصف كل دار كفر بأنها دار حربٍ، فهذان المصطلحان بمعنًى واحدٍ (١)، فإن كانت دولة غير المسلمين في حال حربٍ مع دولة المسلمين؛ فوصفها بدار الحرب واضحٌ لا إشكال فيه، وإن كانت في حال موادعةٍ ومسالمةٍ؛ فوصفها بدار الحرب مبنيٌّ على النَّظر في أصل الصفة القائمة بها، وهي التي ترجع إليها عند انتفاء السَّلام، فهي دار حربٍ في القوَّة والإمكان، وإن لم تكن دار حربٍ في واقع الحال.

أصل هذا التقسيم وعلاقته بالواقع:

إنَّ ما تتابع الفقهاء على تقريره من تقسيم العالم إلى دارين ـ دار الإسلام ودار الكفر أو الحرب ـ يستندُ إلى الأدلة التفصيلية في القرآن والسنة التي وضعت أسس بناء الدولة المسلمة وبيَّنت خصائصها وأصَّلت لعلاقاتها مع الدول الأخرى في حالتي الحرب والسِّلم (٢)، كما يستند إلى الواقع الذي ظهرت فيه آثار تلك الأحكام والخصائص والعلاقات. فهذا التقسيمُ مبنيٌّ على


(١) انظر في تعريف دار الكفر ـ وهي دار الحرب ـ: «شرح السير الكبير» للسرخسي (٥/ ٢١٦٥)، و «بدائع الصنائع» (٧/ ١٣٠ - ١٣١)، و «أحكام أهل الذمة» (٢/ ٧٢٨)، و «الإنصاف» للمرداوي (١٠/ ٣٥)، و «الموسوعة الفقهية» (٢٠/ ٢٠٦) (مادة: دار الحرب) ولم تُفرِدْ مادةً لدار الكفر، لترادفهما وقلة استعمال الأخير في عُرف الفقهاء.
(٢) راجع جملةً من أدلة التقسيم في: «اختلاف الدارين وأثره في أحكام المعاملات والمناكحات» للدكتور إسماعيل فطاني، ص: (٢٣ - ٣٠)، و «اختلاف الدارين وآثاره في أحكام الشريعة الإسلامية» للدكتور عبد العزيز بن مبروك الأحمدي (١/ ٢٩٧ - ٣١٢).

<<  <   >  >>