للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

للرجل: «لا تدْهَلْ!» (١)؛ فقد أمَّنَه، وإذا قال: «لا تخف!»؛ فقد أمَّنه، وإذا قال: «مَطَّرْس»؛ فقد أمَّنه. قال: فإنَّ الله يعلمُ الألسنةَ. (٢)

وعن مجاهدٍ قال: قال عمرُ: أيُّما رجُلٍ من المسلمين أشارَ إلى رجُلٍ من العَدُوِّ: «لَئِنْ نزلتَ لأَقتُلنَّكَ!» فنَزَل وهو يرَى أنَّه أمانٌ؛ فقد أَمَّنَه. (٣)

فيتبيَّن لنا ممَّا تقدَّم أنَّ الأمان ينعقد بكل لفظٍ أو إشارةٍ أو تصرُّفٍ دالٍّ عليه، وبهذا يتبيَّن أنَّ الصورَ الموجودةَ في عصرنا الحاضر معتبرةٌ شرعًا، فمنها: «التأشيرة» من أي نوع كانت، وكيفما صدرت، وكذلك: «الإقامة» سواء كانت دائمة أو مؤقتة، لغرض الدراسة أو التجارة، أو للبعثات


(١) «لا تدهل»: أي لا تخَفْ، نبطيَّة معرَّبة. «لسان العرب» (مادة: دهل).
(٢) أخرجه عبد الرزاق في «المصنَّف» (٩٤٢٩)، وأبو القاسم البغوي في «الجعديَّات» (٢٦٩٤)، وابن أبي شيبة في «المصنَّف» (٣٤٠٨٥)، وابن المنذر في «الأوسط» (٦٦٧٠) والبيهقي في «السُّنن الكبرى» (٩/ ٩٦). وإسناده صحيح، وأبو وائل هو شقيق بن سلمة الأسديُّ الكوفيُّ، ثقة عالم، من كبار التابعين. مترجم في «تهذيب الكمال» (١٢/ ٥٤٨:٢٧٦٧).
قال ابن حجر في «الفتح» (٦/ ٢٧٥): «مترس: كلمة فارسية، معناها: لا تخف، وهي بفتح الميم وتشديد المثناة وإسكان الراء بعدها مهملة، وقد تخفف التاء، وبه جزم بعض من لقيناه من العجم، وقيل: بإسكان المثناة وفتح الراء. ووقع في «الموطأ» رواية يحيى بن يحيى الأندلسي: «مطرس» بالطاء بدل المثناة، قال ابن قرقول: هي كلمة أعجمية، والظاهر أن الراوي فخم المثناة فصارت تشبه الطاء كما يقع من كثير من الأندلسيين».
(٣) أخرجه: ابن أبي شيبة في «المصنَّف» (٣٤٠٨٦)، وإسناده صحيح، ومجاهد هو ابن جَبرٍ المكيُّ، ثقة إمام في التفسير وفي العلم. مترجم في «تهذيب الكمال» (٢٧/ ٢٢٨:٥٧٨٣).
وأخرجه ابن أبي شيبة أيضًا (٣٤٠٨٧) من طريق طلحة بن عبيد الله بن كريز قال: كتب عمر إلى أمراء الأجناد، فذكره.

<<  <   >  >>