الممارسات الشركيَّة من دعاء الأمواتِ وتعظيمِ قبورهم، والبناءِ عليها، وشدِّ الرِّحال إليها، والطَّواف والسُّجود إليها، والذَّبحِ لها، إلى جانب الانحرافات الخطيرة في أصول الدِّين والاعتقاد، وكذلك الإخلالُ بكثير من العبادات ـ خاصَّةً الصَّلاة التي هي أهمُّ أركان الدِّين العملية ـ، وارتكاب المحرَّمات، وسوء الأخلاق، والبعد عن الممارسة الصحيحة لأحكام الدِّين وآدابه في واقع الحياة. لهذا أخفقت أكثر الحركات الإسلامية في مشروعها المبنيِّ على هذا الفهم الجزئيِّ، وانتهى ببعضها إلى العُنْفِ والإرهاب، وببعضها الآخر إلى التَّخَلِّي عن المطالبة بتنفيذ أحكام الشريعة والاتجاه إلى ممارسة اللعبة الدِّيمقراطيَّة من خلال عرض الإسلام كمرجعيَّةٍ فكريَّةٍ مجمَلَةٍ. وكان لوسائل الإعلام ـ أيضًا ـ تأثيرٌ في تنمية هذا المفهوم السيِّئ من خلال استغلال صنائع تلك الحركات الإسلامية، حتَّى صار مفهوم الشريعة في ذِهْنِ أكثر النَّاس ـ خاصَّةً في العالم الغربيِّ ـ لا يتجاوزُ أحكام العقوبات؛ كقطع يد السَّارق وجلد الزَّاني أو شارب الخمر، وأحكام حجاب المرأة، ونحو ذلك!
(٢)
لقد سألني مرَّةً مثقَّفٌ سويديٌّ عن مدى تأييدي لتنفيذ أحكام الشريعة؟ فقلتُ له: إنَّ الشريعةَ بالمفهوم الذي تقصِدُه ـ أي: أحكام القصاص والحدود ـ لا يجوز العمل بها ـ حسَبَ حُكْمِ الشريعة نفسِها ـ إلا في بلاد المسلمين، ولا يجوزُ تنفيذُها ـ حسب حكم الشريعة أيضًا ـ إلا مِنْ قِبَلِ وَلِيِّ الأَمْرِ الذي له نفوذٌ وسلطانٌ وجهازٌ قضائيٌّ، وبالتالي فإنَّني أؤيِّدُ تنفيذَ أحكامِ الشريعة في ضوء انتمائي للدَّولة والمجتمع اللَّذَينِ يتمتَّعان بالخصوصيَّة الدينيَّة عقيدةً وشريعةً، وهذه قضيَّةٌ داخليَّةٌ تمسُّ سيادةَ الدَّولةِ واستقلالَها، وليسَ من حقِّ الدُّول أو الجهاتِ الخارجيَّةِ التدخُّلُ فيها.
واسترسلتُ قائلاً: لكنَّ هذا المفهومَ الذي تحملُه عن الشريعة؛ مفهومٌ قاصرٌ وناقصٌ، وهو لذلك يحملك على نظرةٍ خاطئةٍ إليها، تنتهي بخوفٍ