(٢) نص رواية البخارى والنسائى وأحمد «فأخذ الكتاب، وليس يحسن أن يكتب، فكتب مكان رسول الله محمد بن عبد الله» ولهذا يتبين لنا ان تأويل السهيلى غير جيد. ولأن هذه الرواية مخالفة لكل الروايات الصحيحة أنكر بعض المأخرين على أبى موسى المدينى نسبتها للبخارى فقال: ليست فى البخارى ولا فى مسلم. وهو كما قال عن مسلم، ولكنها ثابتة فى البخارى. وقد تمسك بظاهر رواية البخارى أبو الوليد الباجى سليمان بن خلف بن سعد بن أيوب المتوفى سنة ٤٧٤ هـ، فزعم أن النبى «ص» كتب بعد أن لم يكن يحسن أن يكتب، فشنع عليه علماء الأندلس، وبهتوه بالزندقة، وشنعوا عليه من على المنابر فى الجمع، فجمعهم به الأمير، فاستظهر الباجى بما كان يعرف من فنون القول والمجادلة، وزعم أن رأيه غير مخالف للقرآن، بل إنه يؤخذ من مفهوم القرآن، لأنه قيد نفى الكتابة عنه بما قبل ورود القرآن: (وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ، وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَارْتابَ الْمُبْطِلُونَ) وبعد أن تحققت أمنيته، وتقررت بذلك معجزته وأمن الارتياب فى ذلك، لا مانع من أن يعرف الكتابة بعد ذلك من غير تعليم، فيكون معجزة أخرى وقد وافقه جماعة، وأنكر عليه آخرون كثيرون. أنظر فتح البارى فى شرح الحديث والمواهب اللدنية ص ١٩٦ وما عدها ح ٢. أقول: وما استنبطه الباجى مخالف لما تواتر وللروايات الصحيحة.