للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أَيّوبَ عَلَيْهِ السّلَامُ فِي بَلَائِهِ: «قَدْ كُنْت أَمُرّ بِالرّجُلَيْنِ يَتَنَازَعَانِ، فَيَذْكُرَانِ اللهَ- يَعْنِي فِي تَنَازُعِهِمَا، أَيْ تَخَاصُمِهِمَا- فَأَرْجِعُ إلَى بَيْتِي، فَأُكَفّرُ عَنْهُمَا كَرَاهَةَ أَنْ يُذْكَرَ اللهُ إلّا فِي حَقّ» وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ النّبِيّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «كَرِهْت أَنْ أَذْكُرَ اللهَ إلّا عَلَى طُهْرٍ» فَقَدْ لَاحَ لَك تَعْظِيمُ الْأَنْبِيَاءِ لَهُ.

وَالْجَوَابُ الثّانِي: أَنّ الدّعَاءَ بِهِ إذَا كَانَ مِنْ الْقَلْبِ، وَلَمْ يَكُنْ بِمُجَرّدِ اللّسَانِ اُسْتُجِيبَ لِلْعَبْدِ، غَيْرَ أَنّ الِاسْتِجَابَةَ تَنْقَسِمُ كَمَا قَالَ- عَلَيْهِ السّلَامُ- إمّا أَنْ يُعَجّلَ لَهُ مَا سَأَلَ وَإِمّا أَنْ يَدّخِرَ لَهُ، وَذَلِكَ خَيْرٌ مِمّا طَلَبَ، وَإِمّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنْ الْبَلَاءِ بِقَدْرِ مَا سَأَلَ مِنْ الْخَيْرِ «١» ، وَأَمّا دُعَاءُ النّبِيّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِأُمّتِهِ أَلّا يَجْعَلَ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ «٢» ، فَمَنَعَهَا، فَقَدْ أُعْطِيَ عِوَضًا لَهُمْ مِنْ ذَلِكَ: الشّفَاعَةِ لَهُمْ فى الآخرة،


(١) يشير إلى الحديث: «ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم، ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن يعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له فى الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها، قالوا: إذا نكثر. قال: الله أكثر» أحمد والبزار وأبو يعلى بأسانيد جيدة، والحاكم، وقال: صحيح الإسناد.
(٢) يشير إلى حديث «سألت ربى ثلاثا. سألته ألا يهلك أمتى بالغرق فأعطانيها، وسألته ألا يهلك أمتى بالسنة «أى الجدب» فأعطانيها، وسألته ألا يجعل بأسهم بينهم، فمنعنيها» مسلم وأحمد. والأحاديث فى هذا تكاد تجمع على أن التى منعها هى ألا يجعل بأسهم بينهم. أما اللتان استجيبتا ففيهما خلاف. ففى بعض الأحاديث ألا يظهر عليهم عدوا، ولا يهلكهم بالسنين، وفى بعضها ألا يهلكهم بغرق، وألا يسلط عليهم عدوا، وفى بعضها ألا يهلك أمته بما أهلك به الأمم قبلنا. وهكذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>