للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


مسألة مرتكب الكبيرة، فقد قرر واصل أن مرتكبها ليس بمؤمن ولا كافر، وإنما هو فى منزلة بين المنزلتين، فطرده الحسن من مجلسه، فسمى وأتباعه بالمعتزلة. وهم فرق عديدة أطلقت على نفسها: أصحاب العدل والتوحيد، وفى أيامنا هذه طبع كثير من كتبهم فى مصر. هكذا كلما بعد المرء عن هدى القرآن ضل. ولعلك تلحظ أنهم بنوا معتقداتهم على إيمانهم بأن الله قديم!! وتبعا لهذا دانو بما دانوا فى مسألة الصفات وما تفرع عنها، فبنوا دينهم على وهم، أو على صفة لا يوصف الله بها، ولا يسمى: فلو أنهم والأشعرية دانوا بما وصف الله به نفسه ما تردوا فى هذه المهلكات أو المتناقضات. لقد نفى المعتزلة الصفات، لأنهم لو أثبتوها فى ظنهم لأثبتوا مع الله عدة قدماء، وجاء الأشعرية هنا بمضحكات فقالوا عن الصفات: لا هى هو، ولا هى غيره!! قضيتان كلتاهما تبطل الأخرى. لو قالوا: هى هو لتفوا الصفات، وللزمهم القول بأن الصفة عين الموصوف ولو قالوا هى غيره للزمهم القول بتعدد القدماء!! هكذا يضرب الله من يضل عن سبيله، فلا يرى نورا ولا صباحا لليله المظلم الطويل. والفيلسوف ابن رشد- على ما فيه- يقول: «ومن البدع التى حدثث فى هذا الباب: السؤال عن هذه الصفات: هل هى الذات أم زائدة على الذات؟» ثم يقول فى مكان آخر من كتابه مناهج الأدلة: «الذى ينبغى أن يعلم الجمهور من أمر هذه الصفات هو ما صرح به الشرع فقط وهو الاعتراف بوجودها دون تفصيل الأمر فيها هذا التفصيل» ثم يقول عن دواء القرآن فى الصفات: «وأول من غير هذا الدواء الأعظم، هم الخوارج، ثم المعتزلة بعدهم، ثم الأشعرية، ثم الصوفية، ثم جاء أبو حامد- يعنى الغزالى- فطم الوادى على القرى» . لقد أثبت المعتزلة ذاتا مجردة عن الصفات فعطلوا، وجاء الأشاعرة، فوقفوا بين مثبتة الصفات ونفاتها، وما كان لهؤلاء السير وراء السؤال القلق: هل الصفات زائده على الذات أو لا، لأن كل ذات لها وجود تستلزم فى نفس الأمر وجود الصفات، إذ لا يمكن تصور ذات مجردة عن الصفات، بل إن نفس اللفظ «ذات» - وهو مولدّ- يستلزم ذلك إذ-

<<  <  ج: ص:  >  >>