للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

لَوْ كُنْت مُرْتَهَنًا فِي الْقَوْسِ أَفْتَنَنِي ... مِنْهَا الْكَلَامُ وَرَبّانِيّ أَحْبَارِ

وَقَالَ: الْقَوْسُ: الصّوْمَعَةُ، وَمِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ: أَنَا بِالْقَوْسِ وَأَنْتَ بِالْقَرْقُوسِ «١» ، فَكَيْفَ نَجْتَمِعُ؟ وَقَالَ فِي أَفَتْنَنِي: هِيَ لُغَةُ تَمِيمٍ، وَفَرّقَ سِيبَوَيْهِ بَيْنَ فَتَنْته وَأَفْتَنْتُهُ، وَجَعَلَهُ مِنْ قَوْلِ الْخَلِيلِ، قَالَ أَفْتَنْتُهُ: صَيّرْته مُفْتَتِنًا أَوْ نَحْوَ هَذَا، وَفَتَنْته، جَعَلْت فِيهِ فِتْنَةً «٢» ، كَمَا تَقُولُ: كَحّلْته جَعَلْت فِي عَيْنَيْهِ كُحْلًا، وَمَآلُ هَذَا الْفَرْقِ إلَى أَنّ فِتْنَتَهُ صَرَفَتْهُ، فَجَاءَ عَلَى وَزْنِهِ، لِأَنّ الْمَفْتُونَ مَصْرُوفٌ عَنْ حَقّ، وَأَفْتَنْتُهُ بِمَعْنَى أَضْلَلْته وَأَغْوَيْته، فَجَاءَ عَلَى وَزْنِ مَا هُوَ فِي مَعْنَاهُ، وَأَمّا فَتَنْت الْحَدِيدَةَ فِي النّارِ، فَعَلَى وَزْنِ فَعَلْت، لَا غَيْرَ؛ لِأَنّهَا فِي مَعْنَى:

خَبِرْتهَا، وَبَلَوْتهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ «٣» .


(١) القرقوس: القاع الأملس الغليظ الأجرد الذى ليس عليه شىء ... وقد سبق الكلام عن هذا فى الجزء الأول. ويرى سيبويه أن العرب زادوا ألفا ونونا فى الربانى، لأنهم أرادوا تخصيصه بعلم الرب دون غيره، كأن معناه صاحب علم بالرب دون غيره من العلوم، وهو كما يقال: رجل شعرانى ولحيانى ورقبانى إذا خص بكثرة الشعر وطول اللحية، وغلظ الرقبة، فاذا نسبوا إلى الشعر قالوا: شعرى، وإلى الرقبة قالوا: رقبى، وإلى اللحية: لحيى. أقول: وأحسن ما قيل فى تعريفه. العالم العامل المعلم.
(٢) وفى اللسان أيضا: فتن الرجل بالمرأة، وافتتن، وأهل الحجاز يقولون: فتنته المرأة إذا ولهته وأحبها وأهل نجد يقولون: أفتنته. وعند الخشنى: فتن لغة قيس، وأفتن لغة تميم. ومرتهنا وتروى: مرتهبا.
(٣) فى مفردات الراغب الأصفهانى: أصل الفتن: إدخال الذهب فى النار لتظهر جودته من رداءته. وفى معجم ابن فارس عن مادة الكلمة أنها تدل على ابتلاء واختبار ... وفتنت الذهب بالنار: إذا امتحنته ... وأنكر الأصمعى: -

<<  <  ج: ص:  >  >>