للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

مِنْ صَحْبِهِ بِمَا لَا يَفْهَمُونَ، وَقَدْ أَنْزَلَهُ بَيَانًا لِلنّاسِ، وَشِفَاءً لِمَا فِي الصّدُورِ، فَفِي تَخْصِيصِهِ هَذِهِ الْحُرُوفَ الْأَرْبَعَةَ عَشَرَ بِالذّكْرِ دُونَ غَيْرِهَا حِكْمَةٌ بَلْ حِكَمٌ، وَفِي إنْزَالِهَا مُقَطّعَةً عَلَى هَيْئَةِ التّهَجّي فَوَائِدُ عِلْمِيّةٌ وَفِقْهِيّةٌ، وَفِي تَخْصِيصِهِ إيّاهَا بِأَوَائِلِ السّوَرِ، وَفِي أَنْ كَانَتْ فِي بَعْضِ السّوَرِ، دُونَ بَعْضٍ فَوَائِدُ أَيْضًا، وَفِي اقْتِرَانِ الْأَلِفِ بِاللّامِ، وَتَقَدّمِهَا عَلَيْهَا مَعَانٍ وَفَوَائِدُ، وَفِي إرْدَافِ الْأَلِفِ وَاللّامِ بِالْمِيمِ تَارَةً، وَبِالرّاءِ أُخْرَى، وَلَا تُوجَدُ الْأَلِفُ، وَاللّامُ فِي أَوَائِلِ السّوَرِ، إلّا هَكَذَا مَعَ تَكَرّرِهَا ثَلَاثَ عَشْرَةَ مَرّةً فَوَائِدُ أَيْضًا، وَفِي إنْزَالِ الْكَافِ قَبْلَ الْهَاءِ، وَالْهَاءِ قَبْلَ الْيَاءِ ثُمّ الْعَيْنُ ثم الصاد من كهيعص «١» مَعَانٍ أَكْثَرُهَا تُنَبّهُ عَلَيْهَا آيَاتٌ مِنْ الْكِتَابِ، وَتُبَيّنُ الْمُرَادَ بِهَا لِمَنْ تَدَبّرَهَا. وَالتّدَبّرُ وَالتّذَكّرُ وَاجِبٌ عَلَى أُولِي الْأَلْبَابِ، وَالْخَوْضُ فِي إيرَادِ هَذِهِ الْمَعَانِي، وَالْقَصْدُ لِإِيضَاحِ مَا لَاحَ لِي عِنْدَ الْفِكْرِ وَالنّظَرِ فِيهَا، مَعَ إيرَادِ الشّوَاهِدِ عَلَى ذَلِكَ مِنْ كِتَابٍ وَأَثَر وَعَرَبِيّةٍ وَنَظَرٍ يُخْرِجُنَا عَنْ مَقْصُودِ الْكِتَابِ وَيَنْأَى بِنَا عَنْ مَوْضُوعِهِ وَالْمُرَادِ بِهِ، وَيَقْتَضِي إفْرَادَ جُزْءٍ أَشْرَحُ مَا أَمْكَنَ مِنْ ذَلِكَ، وَلَعَلّهُ أَنْ يَكُونَ، إنْ سَاعَدَ الْقَدَرُ؛ وَاَللهُ الْمُسْتَعَانُ، وَهُوَ وَلِيّ التّوْفِيقِ، لَا شَرِيكَ لَهُ.

ذِكْرُ تَحْوِيلِ الْقِبْلَةِ:

فَصْلٌ: وَذَكَرَ تَحْوِيلَ الْقِبْلَةِ، وَمَا قَالَتْهُ جَمَاعَةُ يَهُودَ حِينَ قَالُوا: يَا مُحَمّدُ مَا وَلّاك عَنْ قِبْلَتِك، وَهُمْ السّفَهَاءُ «٢» مِنْ النّاسِ، فِيهِمْ نزلت هذه الآية.


(١) تقرأ هكذا: كاف ها يا عيين صاد.
(٢) يرى الزجاج أن السفهاء هم المشركون، ويرى مجاهد أنهم أحبار اليهود،

<<  <  ج: ص:  >  >>