للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

اللهِ تَعَالَى فِي التّأْوِيلِ. أَلَا تَرَى: كَيْفَ نَبّهَ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ دَعَا إلَى الْإِسْلَامِ قَوْمًا، يُقَالُ لَهُمْ: بَنُو عَبْدِ اللهِ، فَقَالَ لَهُمْ:

يَا بَنِي عَبْدِ اللهِ، إنّ اللهَ قَدْ حَسّنَ اسْمَ أَبِيكُمْ يُحَرّضُهُمْ بِذَلِكَ عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ اسْمُهُمْ مِنْ الْعُبُودِيّةِ لِلّهِ، فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: يَا بَنِي إسْرَائِيلَ إنّمَا وَرَدَ فِي مَعْرِضِ التّذْكِرَةِ لَهُمْ بِدِينِ أَبِيهِمْ، وَعُبُودِيّتِهِ لِلّهِ، فَكَانَ ذِكْرُهُمْ بِهَذَا الِاسْمِ أَلْيَقَ بِمَقَامِ التّذْكِرَةِ وَالتّحْرِيضِ مِنْ أَنْ يَقُولَ لَهُمْ: يَا بَنِي يَعْقُوبَ، وَلَمّا ذَكَرَ مَوْهِبَتَهُ لِإِبْرَاهِيمَ وَتَبْشِيرَهُ بِإِسْحَاقِ، ثُمّ يَعْقُوبَ كَانَ لَفْظُ يَعْقُوبَ أَوْلَى بِذَلِكَ الْمَقَامِ، لِأَنّهَا مَوْهِبَةٌ بِعَقِبِ أُخْرَى، وَبُشْرَى عَقّبَ بِهَا بُشْرَى وَإِنْ كَانَ اسْمُ يَعْقُوبَ عِبْرَانِيّا، وَلَكِنّ لَفْظَهُ مُوَافِقٌ لِلْعَرَبِيّ فِي الْعَقِبِ وَالتّعْقِيبِ «١» ، فَانْظُرْ مُشَاكَلَةَ الِاسْمَيْنِ لِلْمَقَامَيْنِ، فَإِنّهُ مِنْ بَابِ النّظَرِ فِي إعْجَازِ الْقُرْآنِ وَبَلَاغَةِ أَلْفَاظِهِ وَتَنْزِيلِ الْكَلَامِ فِي مَنَازِلِهِ اللّائِقَةِ بِهِ.

حَدِيثُ أَبِي يَاسِرٍ بْنِ أَخْطَبَ:

فَصْلٌ: وَذَكَرَ ابْنُ إسْحَاقَ حَدِيثَ أَبِي يَاسِرٍ بْنِ أَخْطَبَ وَأَخِيهِ حيى بن أخطب حين سمعا المص «٢» وَنَحْوَهَا مِنْ الْحُرُوفِ، وَأَنّهُمْ أَخَذُوا تَأْوِيلَهَا مِنْ حُرُوفِ أَبِجَدّ إلَى قَوْلِهِ: لَعَلّهُ قَدْ جُمِعَ لِمُحَمّدِ وَأُمّتِهِ هَذَا كُلّهُ: قَالَ الْمُؤَلّفُ: وَهَذَا


(١) فى الإصحاح الخامس والعشرين من سفر التكوين عن عيسو بن إسحاق وأمهما تلدهما: «وبعد ذلك خرج أخوه، ويده قابضة بعقب عيسو، فدعى اسمه: يعقوب» .
(٢) تقرأ هكذا: ألف لام ميم صاد.

<<  <  ج: ص:  >  >>