للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

إلَى تَحْلِيلِ مَا حَرّمَ اللهُ، فَكَذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يُتّقَى تَحْرِيمُ مَا أَحَلّ اللهُ، فَكِلَا الطّرَفَيْنِ ذَمِيمٌ، وَأَحَلّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرّمَ الرّبَا، وَالرّبَا مَعْلُومٌ، فَمَا لَيْسَ مِنْ الرّبَا فَهُوَ مِنْ الْبَيْعِ، وَالْكَلَامُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِلطّائِفَتَيْنِ، وَالِاحْتِجَاجُ لِلْفَرِيقَيْنِ يَتّسِعُ مِجَالُهُ وَيَصُدّنَا عَنْ مَقْصُودِنَا من الكتاب «١» .


(١) فصل الإمام ابن تيمية القول تفصيلا فى هذه المسألة فى كتابه القيم «إقامة الدليل على إبطال التحليل» المطبوع مع مجموعة فتاويه فقال: «إن الله سبحانه ورسوله سد الذرائع المفضية إلى المحارم بأن حرمها، ونهى عنها. والذريعة: ما كان وسيلة وطريقا إلى الشىء، لكن صارت فى عرف الفقهاء عبارة عما أفضت إلى فعل محرم، ولو تجردت عن ذلك الإفضاء لم يكن فيها مفسدة؛ ولهذا قيل: الذريعة: الفعل الذى ظاهره أنه مباح، وهو وسيلة إلى فعل المحرم، أما إذا أفضت إلى فساد ليس هو فعلا كإفضاء شرب الخمر إلى السكر، وإفضاء الزنا إلى اختلاط المياه. أو كان الشىء نفسه فسادا كالقتل والظلم فهذا ليس من هذا الباب، فإنا نعلم أنما حرمت الأشياء لكونها فى نفسها فسادا بحيث تكون ضررا لا منفعة فيه، أو لكونها مفضية إلى فساد بحيث تكون هى فى نفسها فيها منفعة، وهى مفضية إلى ضرر أكثر منه، فتحرم فان كان ذلك الفساد فعل محظور سميت: ذريعة، وإلا سميت سببا ومقتضيا، ونحو ذلك من الأسماء المشهورة. ثم هذه الذرائع إذا كانت تقضى إلى المحرم غالبا، فإنه يحرمها مطلقا، وكذلك إن كانت قد تفضى، وقد لا تفضى، لكن الطبع متقاض لإفضائها، وأما إن كانت إنما تفضى أحيانا، فان لم يكن فيها مصلحة راجحة على هذا الإفضاء القليل، وإلا حرمها أيضا، ثم هذه الذرائع منها ما يفضى إلى المكروه بدون قصد فاعلها، ومنها ما تكون إباحتها مغضبة للتوسل بها الى المحارم، فهذا القسم الثانى يجامع الحيل بحيث قد يقترن به الاحتيال تارة، وقد لا يقترن، كما أن-

<<  <  ج: ص:  >  >>