للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وَالرّيحُ هَوَاءٌ مُتَحَرّكٌ، وَإِذَا كَانَ الشّرْعُ قَدْ عَرَفْنَا مِنْ مَعَانِي الرّوحِ وَصِفَاتِهِ بِهَذَا الْقَدْرِ، فَقَدْ عَرَفَ مِنْ جِهَةِ أَمْرِهِ كَمَا قَالَ سبحانه: قُلِ: الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَقَوْلُهُ: مِنْ أَمْرِ رَبّي أَيْضًا، وَلَمْ يَقُلْ مِنْ أَمْرِ اللهِ، وَلَا مِنْ أَمْرِ رَبّكُمْ يَدُلّ عَلَى خُصُوصٍ، وَعَلَى مَا قَدّمْنَاهُ مِنْ أَنّهُ لَا يَعْلَمُهُ إلّا مَنْ أَخَذَ مَعْنَاهُ مِنْ قَوْلِ اللهِ سُبْحَانَهُ، وَقَوْلِ رَسُولِهِ بَعْدَ الْإِيمَانِ بِاَللهِ وَرَسُولِهِ وَالْيَقِينِ الصّادِقِ وَالْفِقْهِ فِي الدّينِ، فَإِنْ كَانَ لَمْ يُخْبِرْ الْيَهُودَ حِينَ سَأَلُوهُ عَنْهُ، فَقَدْ أَحَالَهُمْ عَلَى مَوْضِعِ الْعِلْمِ بِهِ «١» .

الْفَرْقُ بَيْنَ الرّوحِ وَالنّفْسِ:

فَصْلٌ: وَمِمّا يَتّصِلُ بِمَعْنَى الرّوحِ وَحَقِيقَتِهِ أَنْ تَعْرِفَ: هَلْ هِيَ النّفْسُ أَوْ غَيْرُهَا، وَقَدْ كَثُرَتْ فِي ذلك الأقوال، واضطربت المذاهب، فتعلق قوم


(١) وأحسن ما قيل: إن المقصود بالروح هو القرآن نفسه، وقد كان الكلام قبل هذا فى شأنه، وقد وصف كلام الله بأنه روح فى القرآن: (يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ) النحل: ٢ (يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ) غافر: ١٥ (وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا) الشورى: ٥٢ وهذا الرأى قريب مما ذكره السهيلى حول أمر الله. وليت السهيلى سكت عند الصحيح المنقول!! فقد بلغت الأقوال فى حقيقة النفس والروح بلغت المائة أو الألف كما نقل الزرقانى فى شرح المواهب عن ابن جماعة: ويقول ابن بطال شارح البخارى ومن شيوخ ابن عبد البر عن الروح الإنسانى: «معرفة حقيقتها مما استأثر الله بعلمه» وقال القرطبى عن الحكمة فى إبهام حقيقة الروح: «إظهار عجز المرء لأنه إذا لم يعلم حقيقة نفسه مع القطع بوجوده كان عجزه عن إدراك حقيقة الحق «أى الله» من باب أولى»

<<  <  ج: ص:  >  >>