للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

مِنْ ذِكْرِ الْعَدَدِ، وَجَمْعِ الْمَعْدُودِ، وَتَبَيّنَ أَنّهُ بَدَلٌ؛ إذْ الْبَدَلُ يُرَادُ بِهِ: تَبْيِينُ مَا قَبْلَهُ؛ أَلَا تَرَى أَنّ الْيَهُودَ قَدْ كَانُوا عَرَفُوا أَنّ لِأَصْحَابِ الْكَهْفِ نَبَأً عَجِيبًا، وَلَمْ يَكُنْ الْعَجَبُ إلّا مِنْ طُولِ لُبْثِهِمْ غَيْرَ أَنّهُمْ لَمْ يَكُونُوا عَلَى يَقِينٍ مِنْ أَنّهَا ثَلَاثُمِائَةٍ أَوْ أَقَلّ، فَأَخْبَرَ أَنّ تِلْكَ السّنِينَ ثَلَاثُمِائَةٍ، ثُمّ لَوْ وَقَفَ الْكَلَامُ هَهُنَا لَقَالَتْ الْعَرَبُ، وَمَنْ لَمْ يَسْمَعْ بِخَبَرِهِمْ: مَا هَذِهِ الثّلَاثُمِائَةِ؟ فَقَالَ كَالْمُبَيّنِ لَهُمْ: سِنِينَ، وَقَدْ رُوِيَ مَعْنَى هَذَا التّفْسِيرِ عَنْ الضّحّاكِ، ذَكَرَهُ النّحّاسُ.

السّنَةُ وَالْعَامُ:

فَصْلٌ: وَقَالَ: سِنِينَ، وَلَمْ يَقُلْ أَعْوَامًا، وَالسّنَةُ وَالْعَامُ، وَإِنْ اتّسَعَتْ الْعَرَبُ فِيهِمَا، وَاسْتَعْمَلَتْ كُلّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَكَانَ الْآخَرِ اتّسَاعًا، وَلَكِنْ بَيْنَهُمَا فِي حُكْمِ الْبَلَاغَةِ وَالْعِلْمِ بِتَنْزِيلِ الْكَلَامِ فَرْقًا، فَخُذْهُ أَوّلًا مِنْ الِاشْتِقَاقِ، فَإِنّ السّنَةَ مِنْ سَنَا يَسْنُو إذَا دَارَ حَوْلَ الْبِئْرِ، وَالدّابّةُ: هِيَ السّانِيَةُ، فَكَذَلِكَ السّنَةُ دَوْرَةٌ من دورات الشمس، وقد تُسَمّى السّنَةُ: دَارًا، فَفِي الْخَبَرِ: إنّ بَيْنَ آدَمَ وَنُوحٍ أَلْفَ دَارٍ، أَيْ: أَلْفَ سَنَةٍ، هَذَا أَصْلُ الِاسْمِ، وَمِنْ ثَمّ قَالُوا: أَكَلَتْهُمْ السّنَةُ، فَسَمّوْا شِدّةَ الْقَحْطِ سَنَةً، قَالَ اللهُ سُبْحَانَهُ: وَلَقَدْ أَخَذْنا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ الْأَعْرَافِ: ١٣ وَمِنْ ثَمّ قِيلَ: أَسْنَتَ الْقَوْمُ إذَا أَقْحَطُوا، وَكَأَنّ وَزْنَهُ أَفْعَتُوا، لَا أَفْعَلُوا، كَذَلِكَ قَالَ بَعْضُهُمْ، وَجَعَلَ سِيبَوَيْهِ التّاءَ بَدَلًا مِنْ الْوَاوِ، فَهِيَ عِنْدَهُ:

أَفْعَلُوا، لِأَنّ الْجُدُوبَةَ وَالْخِصْبَ مُعْتَبَرٌ بِالشّتَاءِ وَالصّيْفِ، وَحِسَابُ الْعَجَمِ إنّمَا هُوَ بِالسّنِينَ الشّمْسِيّةِ بِهَا يُؤَرّخُونَ، وَأَصْحَابُ الْكَهْفِ مِنْ أُمّةٍ عَجَمِيّةٍ، وَالنّصَارَى يَعْرِفُونَ حَدِيثَهُمْ، وَيُؤَرّخُونَ بِهِ، فَجَاءَ اللّفْظُ فِي الْقُرْآنِ بِذِكْرِ السّنِينَ الْمُوَافِقَةِ لِحِسَابِهِمْ، وَتَمّمَ الْفَائِدَةَ بِقَوْلِهِ: وَازْدَادُوا تِسْعًا لِيُوَافِقَ حِسَابَ العرب، فإن

<<  <  ج: ص:  >  >>