. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تَفْسِيرُ أَرَأَيْت:
قَالَ مُحَمّدُ بْنُ يَزِيدَ: فِي الْكَلَامِ حَذْفٌ، تَقْدِيرُهُ: أَرَأَيْتَ الّذِي يَنْهَى عَبْدًا إذا صلّى، أمصيب هو أو مخطىء؟ وَكَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: أَرَأَيْتَ إِنْ كانَ عَلَى الْهُدى الْعَلَقِ كَأَنّهُ قَالَ: أَلَيْسَ مَنْ يَنْهَاهُ بضال؟ وقوله لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ الْعَلَقِ أَيْ لَنَأْخُذَنّ بِهَا إلَى النّارِ، وَقِيلَ مَعْنَى السّفْعِ هَهُنَا: إذْلَالُهُ وَقَهْرُهُ، وَالنّادِي وَالنّدِيّ وَالْمُنْتَدَى بِمَعْنَى وَاحِدٍ، وَهُوَ: مَجْلِسُ الْقَوْمِ الّذِينَ يَتَنَادَوْنَ إلَيْهِ، وَقَالَ أَهْلُ التّفْسِيرِ فِيهِ أَقْوَالًا مُتَقَارِبَةً، قَالَ بَعْضُهُمْ: فَلْيَدْعُ حَيّهُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: عَشِيرَتَهُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَجْلِسَهُ، وَفِي أَرَأَيْت مَعْنَى: أَخْبِرْنِي، وَلِذَلِكَ قَالَ سِيبَوَيْهِ: لَمْ يَجُزْ إلْغَاؤُهَا، كَمَا تُلْغَى: عَلِمْت إذَا قُلْت: عَلِمْت أَزَيْدٌ عِنْدَك أَمْ عَمْرٌو، وَلَا يَجُوزُ هَذَا فِي: أَرَأَيْت، وَلَا بُدّ مِنْ النّصْبِ إذَا قُلْت: أَرَأَيْت زَيْدًا، أَبُو مَنْ هُوَ؟
قَالَ سِيبَوَيْهِ: لِأَنّ دُخُولَ مَعْنَى أَخْبِرْنِي فِيهَا لَا يَجْعَلُهَا بِمَنْزِلَةِ: أَخْبِرْنِي فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهَا، قَالَ الْمُؤَلّفُ: وَظَاهِرُ الْقُرْآنِ يَقْضِي بِخِلَافِ مَا قَالَ سِيبَوَيْهِ إلّا بَعْدَ الْبَيَانِ، وَذَلِكَ أَنّهَا فِي الْقُرْآنِ مُلْغَاةٌ؛ لِأَنّ الِاسْتِفْهَامَ هُوَ مَطْلُوبُهَا، وَعَلَيْهِ وَقَعَتْ فِي قَوْلِهِ: أَرَأَيْتَ، إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى، أَلَمْ يَعْلَمْ الْعَلَقِ: فَقَوْلُهُ:
ألم يعلم: استفهام، وعليه وقعت: أرأيت، وكذلك: أرأيتم، وأ رأيتكم فِي الْأَنْعَامِ، فَإِنّ الِاسْتِفْهَامَ وَاقِعٌ بَعْدَهَا نَحْوَ: هَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ الْأَنْعَامِ: ٤٧. وَهَذَا هُوَ الّذِي مَنَعَ سِيبَوَيْهِ فِي: أَرَأَيْت وَأَرَأَيْتُكَ أَبُو مَنْ أَنْتَ؟
وَأَمّا الْبَيَانُ فَاَلّذِي قَالَهُ سِيبَوَيْهِ صَحِيحٌ، وَلَكِنْ إذَا وَلّى الِاسْتِفْهَامَ: أَرَأَيْت، وَلَمْ يَكُنْ لَهَا مَفْعُولٌ سِوَى الْجُمْلَةِ، وَأَمّا فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ الّتِي فِي التّنْزِيلِ، فَلَيْسَتْ الْجُمْلَةُ الْمُسْتَفْهَمُ عَنْهَا هِيَ مَفْعُولُ: أَرَأَيْت، إنّمَا مَفْعُولُهَا مَحْذُوفٌ يَدُلّ عَلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute