للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجهة الرابعة: أن يخرّج على الأمور البعيدة والأوجه الضعيفة، ويترك الوجه القريب والقوي، فإن كان لم يظهر له إلا ذاك فله عذر، وإن ذكر الجميع فإن قصد بيان المحتمل أو تدريب الطالب فحسن، إلا في ألفاظ‍ التنزيل فلا يجوز أن يخرّج إلا على ما يغلب على الظن إرادته، فإن لم يغلب شيء فليذكر الأوجه المحتملة من غير تعسف. اه‍ (١).

فهذا تقرير المنع من حمله على الوجوه الضعيفة والشاذة، إذن لا بد من حمله على المشهور والمستعمل المعروف في لسان العرب، وأما الذي لم يثبت في العربية فرده بهذه القاعدة من باب أولى، وهذه هي الجهة الثالثة من الجهات التي ذكرها ابن هشام في الاعتراض على المعرب.

قال فيها: الجهة الثالثة: أن يخرّج على ما لم يثبت في العربية، وذلك إنما يقع عن جهل أو غفلة. اه‍ (٢).

٥ - ومنها قول الزركشي - وما نقله عن الزمخشري -: ويجب على المعرب تجنب الأعاريب المحمولة على اللغات الشاذة، فإن القرآن نزل بالأفصح من لغة قريش، قال الزمخشري في كشافه القديم: القرآن لا يعمل فيه إلا على ما هو فاش دائر على ألسنة فصحاء العرب، دون الشاذ النادر الذي لا يعثر عليه إلا في موضع أو موضعين.

اه‍ (٣).

٦ - ومنها قول الألوسي في معرض ترجيحه بهذه القاعدة وتقريره لها: ولا يخفى لدى كل منصف أنه لا ينبغي لمؤمن حمل كلام الله تعالى وهو أعلى مراتب البلاغة والفصاحة على ما هو أدنى من ذلك، وما هو إلا مسخ لكتاب الله تعالى عز شأنه، وإهباط‍ له عن شأواه، ومفاسد قلة البضاعة لا تحصى. اه‍ (٤).


(١) مغني اللبيب (٢/ ٥٤٨).
(٢) مغني اللبيب (٢/ ٥٤٦).
(٣) البرهان (١/ ٣٠٤).
(٤) روح المعاني (١/ ٣٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>