للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اعتقد أن ذلك تفسير فقد كفر، وأنا أقول الظن بمن يوثق به منهم أنه إذا قال شيئا من أمثال ذلك أنه لم يذكره تفسيرا ولا ذهب به مذهب الشرح للكلمة المذكورة من القرآن العظيم، فإنه لو كان كذلك كانوا قد سلكوا مسالك الباطنية، وإنما ذلك ذكر منهم لنظير ما ورد به القرآن، فإن النظير يذكر بالنظير، ومع ذلك فيا ليتهم لم يتساهلوا بمثل ذلك لما فيه من الإبهام والالتباس والله أعلم. اهـ‍ (١).

ويشبه ما يذكره أرباب الإشارات، ما روي عن الضحاك (٢) في تفسير قوله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى} [النساء: ٤٣].

قال: لم يعن بها الخمر، وإنما عنى بها سكر النوم اهـ‍ (٣).

قال شيخ الإسلام ابن تيميه: وهذا إذا قيل: إن الآية دلّت عليه بطريقة الاعتبار، أو شمول معنى اللفظ‍ العام، فلا ريب أن سبب نزول الآية كان السّكر من الخمر، واللفظ‍ صريح في ذلك اهـ‍ (٤).

وهذا قول ابن عباس ومجاهد وقتادة وغيرهم وهو اختيار ابن جرير الطبري (٥)، وترجيح ابن عطية (٦)، والشوكاني (٧)، وغيرهم.


(١) فتاوى ابن الصلاح ص ٦٢، وانظر سير أعلام النبلاء (١٧/ ٢٥٥). وقال السيوطي في الإتقان (٤/ ١٩٤): وأما كلام الصوفية في القرآن فليس بتفسير. اهـ‍، وانظر البرهان (٢/ ١٧٠ - ١٧١).
(٢) هو: الضحاك بن مزاحم الهلالي، صاحب التفسير، يروي تفسيره عنه عبيد بن سليمان، مختلف في روايته، توفي سنة اثنتين ومائة وقيل غير ذلك. سير أعلام النبلاء (٤/ ٥٩٨)، وطبقات المفسرين (١/ ٢٢٢).
(٣) جامع البيان (٥/ ٩٦)، وانظره في الدر المنثور (٢/ ٥٤٦)، وعزاه للفريابي وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبري.
(٤) اتباع الرسول بصحيح المنقول وصريح المعقول ص ١٥.
(٥) جامع البيان (٥/ ٩٦).
(٦) المحرر الوجيز (٤/ ١٢٥).
(٧) فتح القدير (١/ ٤٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>