هُوَ ووالده يتناوبان فيهمَا ثمَّ اسْتَقل بهما بعد موت وَالِده فِي سنة اثْنَتَيْ عشرَة، وتوزع كل مِنْهُمَا وساعده جمَاعَة حَتَّى اسْتمرّ فيهمَا بل بَلغنِي أَن قَارِئ الْهِدَايَة انتزع تدريس الحَدِيث مِنْهُ بعد مزِيد التعصب على صَاحب التَّرْجَمَة وَكَذَا ولي الْمُحب تدريس الْحَنَابِلَة بالمؤيدية بعد شغوره عَن الْعِزّ الْقُدسِي وبالمنصورية أَظُنهُ عَن الْعَلَاء ابْن اللحام وبالشيخونية بعد الْعَلَاء بن المغلي، وناب فِي الحكم مُدَّة عَن الْمجد سَالم ثمَّ عَن ابْن المغلي ثمَّ اسْتَقل بِهِ بعده فِي صفر سنة ثَمَان وَعشْرين وتصدى لنشر الْمَذْهَب قِرَاءَة وإقراء وإفتاء وَلم يلبث أَن صرف بعد سنة وَثلث بالعز الْقُدسِي فَلَزِمَ منزله على عَادَته فِي الإشتغال إِلَى أَن أُعِيد بعد سنة وثلثي سنة فِي صفر سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ بِصَرْف الْمشَار إِلَيْهِ وَعرف النَّاس الْفرق بَينهمَا وَاسْتمرّ بعد الْمُحب حَتَّى مَاتَ فمجموع ولَايَته فِي الْمَرَّتَيْنِ أَربع عشرَة سنة وَنصف سنة وَنَحْو عشْرين يَوْمًا، وَمِمَّنْ انْتفع بِهِ فِي الْمَذْهَب الْعِزّ الْكِنَانِي والبدر الْبَغْدَادِيّ والنور المتبولي وَالْجمال بن هِشَام وَقَرَأَ عَلَيْهِ وَلَده مُسْند إِمَامه بِكَمَالِهِ وَكَذَا حدث بالصحيحين وَغَيرهمَا وَقَرَأَ عَلَيْهِ التقي القلقشندي وَغَيره للنِّسَاء، قَالَ شَيخنَا وَهِي أَعلَى مَا عِنْده، وَلما سَافر السُّلْطَان الْأَشْرَف إِلَى آمد كَانَ مِمَّن سَافر مَعَه فِي جملَة الفضاة على الْعَادة فَسمع من لَفظه أحد رفقته شَيخنَا المسلسل عَن الْعِزّ أبي الْيمن بن الكويك وَعَلِيهِ بِقِرَاءَة غَيره حَدِيث عَرَفَة فِي الْبدن من السّنَن لأبي دَاوُد، كل ذَلِك بِظَاهِر بيسان وَكتب عَنهُ من نظمه فِي هَذِه السفرة أَيْضا:
(شوقي إِلَيْكُم لَا يحد وَأَنْتُم ... فِي الْقلب لَكِن للعيان لطائف)
(فالجسم عَنْكُم كل يَوْم فِي نوى ... وَالْقلب حول رَبًّا حماكم طائف)
قَالَ وسمعته يَقُول سَمِعت سودون النَّائِب يَقُول: التّرْك إِن أحبوك أكلوك وَإِن أبغضوك قتلوك. وَأوردهُ فِي الْقسم الْأَخير من مُعْجَمه وَقَالَ إِنَّه اجْتمع بِهِ كثيرا واستفاد مِنْهُ تَرْجَمَة أَبِيه وَغَيرهَا، هَذَا مَعَ مزِيد إجلاله أَيْضا لشَيْخِنَا حَتَّى إِنِّي قَرَأت بِخَطِّهِ وَقد رفع إِلَيْهِ سُؤال ليكتب عَلَيْهِ بعد أَن أجَاب شَيخنَا مَا نَصه مَا أجَاب بِهِ سيدنَا ومولانا قَاضِي الْقُضَاة أَسْبغ الله ظلاله هُوَ الْعُمْدَة وَلَا مزِيد لأحد عَلَيْهِ فَإِنَّهُ إِمَام النَّاس فِي ذَلِك:)
(إِذا قَالَت حذام فصدقوها ... فَإِن القَوْل مَا قَالَت حذام)
فَالله تَعَالَى يمتع بحياته الْأَنَام ويبقيه على توالي اللَّيَالِي وَالْأَيَّام، وامتدحه بِأَبْيَات كتبهَا بِخَطِّهِ فِي سنة سبع وَثَلَاثِينَ فِي آخر نُسْخَة من تصنيفه تَخْرِيج الرَّافِعِيّ بعد مُقَابلَة نسخته بِنَفسِهِ عَلَيْهَا فَقَالَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute