جمَاعَة من الْمغل الْجُمُعَة. فَلَمَّا انْقَضتْ الْجُمُعَة صعد الْأَمِير قبجق والأمير إِسْمَاعِيل سدة المؤذنين وَقُرِئَ على النَّاس تَقْلِيد قبجق بِلَاد الشَّام كلهَا وهى مَدِينَة دمشق وحلب وحماة وحمص وَسَائِر الْأَعْمَال وَجعل إِلَيْهِ ولَايَة الْقُضَاة والخطباء وَغَيرهم. فَنثرَتْ على النَّاس الدَّنَانِير وَالدَّرَاهِم وفرحوا بذلك فَرحا كثيرا وَجلسَ شيخ الشُّيُوخ نظام الدّين بِالْمَدْرَسَةِ العادية وعتب النَّاس لعدم ترددهم إِلَيْهِ ووعد بِالدُّخُولِ فِي صلح أُمُورهم مَعَ غازان وَطلب الْأَمْوَال وتعاظم إِلَى الْغَايَة واستخف بقبجق وَقَالَ: خَمْسمِائَة من قبجق مَا يكونُونَ فِي خَاتمِي. وَصَارَ نظام الدّين يضع من قلعة دمشق ويستهين بهَا وَيَقُول: لَو أردنَا أَخذهَا أخذناها من أول يَوْم وَكَانَ لَا يزَال الدبوس على كتفه وَلم يكن فِيهِ من أَخْلَاق الْمَشَايِخ مَا يمدح بِهِ بل أَخذ نَحْو الثَّلَاثِينَ ألف دِينَار برطيلاً حَتَّى قَالَ فِيهِ عَلَاء الدّين بن شيخ غازان مَا خلا أحد من تجرده وَغدا الْكل لابسي خرقَة الْفقر من يَده وَفِي خَامِس عشره: بَدَأَ التتر فِي نهب الصالحية حَتَّى أخذُوا مَا بالجامع والمدارس وَالتُّرَاب من الْبسط والقناديل ونبشوا على الخبايا فَظهر لَهُم مِنْهَا شَيْء كثير حَتَّى كَأَنَّهُمْ كَانُوا يعلمُونَ أماكنها فَمضى ابْن تَيْمِية فِي جمع كَبِير إِلَى شيخ الشُّيُوخ وَشَكوا ذَلِك فَخرج مَعَهم إِلَى حَيّ الصالحية فِي ثامن عشره ليتبين حَقِيقَة الْأَمر ففر التتر لما رَأَوْهُ والتجأ أهل الصالحية إِلَى دمشق فِي أَسْوَأ حَال. وَكَانَ سَبَب نهب الصالحية أَن متملك سيس بذل فِيهَا مَالا عَظِيما وَكَانَ قد قصد خراب دمشق عوضا عَن بِلَاده فتعصب الْأَمِير قبجق وَلم يُمكنهُ من الْمَدِينَة ورسم لَهُ بالصالحية فتسلمها متملك سيس وأحرق الْمَسَاجِد والمدارس وسبى وَقتل وأخرب الصالحية فبلغت عدَّة من قتل وَأسر مِنْهَا تِسْعَة أُلَّاف وَتِسْعمِائَة نفس. وَلما فرغوا من الصالحية صَار التتر إِلَى المزة وداريا ونهبوهما وَقتلُوا جمَاعَة من أهلهما فَخرج ابْن تَيْمِية فِي يَوْم الْخَمِيس عشريه إِلَى غازان بتل راهط ليشكو لَهُ مَا جرى من التتار بعد أَمَانه فَلم يُمكنهُ الِاجْتِمَاع بِهِ لشغله بالسكر فَاجْتمع بالوزيرين سعد الدّين ورشيد الدّين فَقَالَا: لابد من المَال فَانْصَرف. وَاشْتَدَّ الطّلب لِلْمَالِ على أهل دمشق وَاسْتمرّ الْحصار وَتعين نصب المنجنيق على القلعة بالجامع وهيموا أخشابه
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute