(الْفَصْل الأول)
(فِي عَمُود التواريخ الْقَدِيمَة وَذكر الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام على التَّرْتِيب)
(آدم وبنيه إِلَى نوح)
من الْكَامِل لِابْنِ الْأَثِير عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن الله تَعَالَى خلق آدم من قَبْضَة قبضهَا من جَمِيع الأَرْض فجَاء بَنو آدم على قدر الأَرْض مِنْهُم الْأسود والأحمر والأبيض وَبَين ذَلِك، وَمِنْهُم السهل والحزن وَبَين ذَلِك.
آدم: أَي من أَدِيم الأَرْض، خلق اللَّهِ جسده وَتَركه أَرْبَعِينَ لَيْلَة وَقيل أَرْبَعِينَ سنة ملقى بِغَيْر روح وَقَالَ الْمَلَائِكَة: {إِذا نفخت فِيهِ من روحي فقعوا لَهُ ساجدين، فَلَمَّا نفخ فِيهِ الرّوح سجد لَهُ الْمَلَائِكَة كلهم أَجْمَعُونَ إِلَّا إِبْلِيس أبي واستكبروا وَكَانَ من الْكَافرين} كبرا وحسدا، فأوقع اللَّهِ على إِبْلِيس اللَّعْنَة والأياس من رَحمته وَجعله شَيْطَانا رجيما وَأخرجه من الْجنَّة، بعد أَن كَانَ ملكا على سَمَاء الدُّنْيَا وَالْأَرْض، وخازنا من خزان الْجنَّة. وأسكن آدم الْجنَّة، ثمَّ خلق من ضلع آدم حَوَّاء زَوجته وَسميت حَوَّاء: لِأَنَّهَا خلقت من شَيْء حَيّ، فَقَالَ اللَّهِ: {يَا آدم اسكن أَنْت وزوجك الْجنَّة وكلا مِنْهَا رغدا حَيْثُ شئتما وَلَا تقربا هَذِه الشَّجَرَة فتكونا من الظَّالِمين} .
ثمَّ أَن إِبْلِيس أَرَادَ دُخُول الْجنَّة ليوسوس لآدَم، فَمَنعه الخزنة، فَعرض نَفسه على دَوَاب الأَرْض أَن تحمله حَتَّى يدْخل الْجنَّة ليكلم آدم وَزَوجته، فَأبى الْجَمِيع ذَلِك إِلَّا الْحَيَّة فأدخلته الْجنَّة بَين نابيها، وَكَانَت الْحَيَّة على غير شكلها الْآن، فوسوس لآدَم وَزَوجته وَحسن عِنْدهم الْأكل من الشَّجَرَة الَّتِي نهاهما اللَّهِ عَنْهَا - وَهِي الْحِنْطَة - وَقدر عِنْدهمَا أَنَّهُمَا إِن أكلا مِنْهَا خلدا وَلم يموتا. فأكلا مِنْهَا فبدت لَهما سوآتهما، فَقَالَ اللَّهِ تَعَالَى: {اهبطوا بَعْضكُم لبَعض عَدو} آدم وحواء وإبليس والحية، وأهبطهم اللَّهِ من الْجنَّة إِلَى الأَرْض، وسلب آدم وحواء كل مَا كَانَا فِيهِ من النِّعْمَة والكرامة.
وَلما هَبَط آدم إِلَى الأَرْض كَانَ لَهُ ولدان هابيل وقابيل وَيُسمى قابيل قاين أَيْضا، فَقرب كل من هابيل وقابيل قربانا، وَكَانَ قرْبَان هابيل خيرا من قرْبَان قابيل، فَتقبل قرْبَان هابيل وَلم يتَقَبَّل قرْبَان قابيل، فحسده على ذَلِك، وَقتل قابيل هابيل، وَقيل: بل كَانَ لقابيل أُخْت توأم، وَكَانَت أحسن من توأم هابيل، وَأَرَادَ آدم أَن يُزَوّج توأم قابيل بهابيل وتوأم هابيل بقابيل، فَلم يطب لقابيل ذَلِك، وَأخذ قابيل توأمه وهرب بهَا. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute