وَفِي حَيَاة الْحَيَوَان الْكُبْرَى روى أَنه ولد شَقِيق وسطيح فِي اللَّيْلَة الَّتِي مَاتَت فِيهَا طريفة الكاهنة امْرَأَة عَمْرو بن عَامر مزيقيا الْآتِي ذكرهَا إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي الْمَقْصد الرَّابِع ودعت بسطيح قبل أَن تَمُوت فتفلت فِي فِيهِ وأخبرت أَنه سيخلفها فِي علمهَا وكهانتها ودعت بشقيق فَفعلت بِهِ مثل ذَلِك ثمَّ مَاتَت وقبرها بِالْجُحْفَةِ انْتهى هَذَا سطيح وَأما شقّ فَهُوَ بِكَسْر الشين كَانَ شقّ إِنْسَان لَهُ يَد وَاحِدَة وَرجل وَاحِدَة وَعين وَاحِدَة وذكران من وَلَده خَالِد بن عبد الله الْقَسرِي عَامل بني أُميَّة على مَكَّة قيل كَانَت ولادَة سطيح فِي أَيَّام سيل العرم وَخرج من مأرب مَعَ رَهْط من الأزد فِي أَيَّام تفرق النَّاس مِنْهَا وعاش إِلَى زمن وِلَادَته عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فَكَانَ لَهُ من الْعُمر قريب من سِتّمائَة سنة وَعَن وهب بن مُنَبّه سُئِلَ سطيح من أَيْن لَك علم الكهانة قَالَ إِن لي قريناً من الْجِنّ كَانَ قد اسْتمع أَخْبَار السَّمَاء فِي زمَان كلم الله مُوسَى فِي الطّور فَيَقُول لي من ذَاك أَشْيَاء وَأَنا أقولها للنَّاس انْتهى فَقَالَ كسْرَى لعبد الْمَسِيح اذْهَبْ إِلَى سطيح واسأله فَأخْبر بِمَا يُخْبِرك بِهِ فَخرج عبد الْمَسِيح حَتَّى قدم على سطيح وَهُوَ مشرف على الْمَوْت فَأَنْشد عبد الْمَسِيح رجزاً فَلَمَّا سَمعه سطيح رفع رَأسه إِلَيْهِ وَقَالَ عبد الْمَسِيح من بلد نزيح على جمل مسيح جَاءَ إِلَى سطيح وَقد وافاه على ضريح بَعثك ملك ساسان لارتجاس الإيوان وخمود النيرَان ورؤيا الموبذان رأى إبِلا صعاباً تقود خيلاً عراباً قد قطعت دجلة فانتشرت فِي بِلَاد فَارس يَا عبد الْمَسِيح إِذا ظَهرت التِّلَاوَة وَبعث صَاحب الهراوة وغاضت بحيرة ساوة وَانْقطع وَادي سماوة وخمدت نَار فَارس لم تكن بِبَابِل للْفرس مقَاما وَلَا الشَّام لسطيح شاماً يملك مِنْهُم مُلُوك وملكات على عدَّة تِلْكَ الشرفات ثمَّ تكون هَنَات وهنات وكل مَا هُوَ آتٍ آتٍ ثمَّ مَاتَ وَفِي مُعْجم مَا استعجم السماوة بِكَسْر السِّين وَتَخْفِيف الْمِيم مفازة بَين الْكُوفَة وَالشَّام وَقيل بَين الْموصل وَالشَّام من أَرض كلاب وَقَالَ الْأَصْمَعِي السماوة أَرض قَليلَة الْعرض كَثِيرَة الطول سميت بذلك لعلوها وارتفاعها انْتهى فَرجع عبد الْمَسِيح إِلَى كسْرَى وَأخْبرهُ بِمَا قَالَ سطيح فَقَالَ كسْرَى إِلَى أَن يملك منا أَرْبَعَة عشرَة ملكا كَانَت أُمُور فَملك مِنْهُم عشرَة مُلُوك فِي أَربع سِنِين وَملك الْبَاقُونَ فِي خلَافَة عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ وروى أَن عبد الْمَسِيح هَذَا هُوَ الَّذِي صَالح خَالِد بن الْوَلِيد على الْحيرَة وَكَانَ ذَلِك المَال أول مَال ورد على أبي بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ ولنذكر غَزْوَة خَالِد بن الْوَلِيد للحيرة وَمُصَالَحَة أَهلهَا إِيَّاه على المَال الْمَذْكُور إِذْ الْكَلَام يجر بعضه بَعْضًا فالمسئول من النَّاظر التسامح والإغضاء فَنَقُول قَالَ الْعَلامَة المَسْعُودِيّ فِي تَارِيخه الْمُسَمّى بمروج الذَّهَب ومعادن الْجَوْهَر وَمن كِتَابه نقلت ذكر جمَاعَة من الإخباريين وَذَوي الْعلم بأيام الْعَرَب مِنْهُم هِشَام ابْن مُحَمَّد الْكَلْبِيّ وَأَبُو مخنف لوط بن يحيى وشرقي بن الْقطَامِي أَن خَالِد بن الْوَلِيد المَخْزُومِي لما أقبل يُرِيد الْحيرَة فِي سُلْطَان أبي بكر رَضِي الله عَنهُ بعد فتح الْيَمَامَة وَقتل مُسَيْلمَة الْكذَّاب فَلَمَّا رَآهُ أهل الْحيرَة تحَصَّنُوا فِي الْقصر الْأَبْيَض وَقصر الْقَادِسِيَّة وَقصر بني ثَعْلَبَة وَهَذِه أَسمَاء قُصُور كَانَت بهَا فَلَمَّا نظر خَالِد إِلَى أهل الْحيرَة ورآهم تحَصَّنُوا أَمر الْعَسْكَر فنزلوا نَحْو النجف وَأَقْبل خَالِد وَمَعَهُ ضرار بن الْأَزْوَر الْأَسدي فَوقف حِيَال قصر بني ثَعْلَبَة فَجعل العباديون يرمونهما بالخذف فَجعل فرسه ينفر فَقَالَ لَهُ ضرار لَيْسَ لَهُم مكيدة أعظم من هَذِه وَمضى خَالِد إِلَى عسكره فَبعث إِلَى أهل الْحيرَة أَن أرْسلُوا إِلَيْنَا رجلا من عقلائكم وَذَوي أنسابكم نَسْأَلهُ عَن أَمركُم فبعثوا إِلَيْهِ عبد الْمَسِيح بن عَمْرو بن قيس الغساني هَذَا وَهُوَ الرَّسُول إِلَى سطيح لتعبير رُؤْيا الموبذان فَأقبل عبد الْمَسِيح فَنظر إِلَيْهِ خَالِد بن الْوَلِيد فَقَالَ لَهُ من أَيْن قصّ أثرك أَيهَا الشَّيْخ فَقَالَ من صلب أبي فَقَالَ لَهُ خَالِد فَمن أَيْن جِئْت قَالَ من بطن أُمِّي فَقَالَ خَالِد فعلام أَنْت وَيحك قَالَ على الأَرْض فَقَالَ لَهُ فَفِيمَ أَنْت لَا كنت فَقَالَ فِي ثِيَابِي فَقَالَ خَالِد أتعقل لَا عقلت قَالَ عبد الْمَسِيح إِي وَالله وأقيد فَقَالَ خَالِد ابْن كم أَنْت قَالَ ابْن رجل وَاحِد فَقَالَ خَالِد اللَّهُمَّ أخزهم أهل بَلْدَة فَمَا يزيدوننا إِلَّا عماء أسأله عَن الشَّيْء فيجيب عَن غَيره قَالَ كلا وَالله مَا أَجَبْتُك إِلَّا عَمَّا سَأَلتنِي عَنهُ فسل عَمَّا بدا لَك فَقَالَ خَالِد أعرب أَنْتُم أم نبط فَقَالَ عبد الْمَسِيح عرب
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute