للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تَحت منارته إِلَى بَاب عَليّ وَمِنْه أَيْضا إِلَى بَاب بني سهم الْمَعْرُوف بِبَاب الْعمرَة وَأخذت المعاول تعْمل فِي شرفات الْمَسْجِد وطبطاب سقفه ثمَّ كشفوا عَن أساسه فوجدوه مختلاً وَكَانَ جداراً عَظِيما نازلاً فِي الأَرْض على هَيْئَة بيُوت رقْعَة الشطرنج وَكَانَ على مَوضِع التقاطع على وَجه الأَرْض قَاعِدَة تركب الأسطوانة عَلَيْهَا فشرع فِي وضع الأساس على وَجه الإتقان والإحكام بالنورة المخمرة إِلَى أَن طلع الأساس على وَجه الأَرْض وَكَانَت الأسطوانات المبنية سَابِقًا على نسق وَاحِد فِي جَمِيع الأروقة من الرخام جَمِيعهَا إِلَى أَن وَقع الْحَرِيق فِي الْجَانِب الغربي بالنَّار الناشئة من رِبَاط رَشَّتْ سنة أَربع وَثَمَانمِائَة فِي دولة الْملك النَّاصِر فرج بن برقوق من الشراكسة فَاحْتَرَقَ مِنْهُ أساطين الرخام وذابت فَأرْسل من أمرائه الْأَمِير بيسق إِلَى مَكَّة فعمر الْجَانِب الَّذِي احْتَرَقَ وأبدل من الأعمدة الرخام الْمُحْتَرِقَة أعمدة من الْحجر الصوان المنحوت وَصَارَت الجوانب الثَّلَاثَة بالأعمدة الرخام مَا عدا هَذَا الْجَانِب الغربي فَهُوَ من الْحجر الصوان المنحوت فَلَمَّا وَقع هَذَا التَّعْمِير أدخلت فِي هَذِه الْعِمَارَة العثمانية دعائم من الْحجر الشميسي الْأَصْفَر غِلَاظ بعد كل ثَلَاث دعائم من الرخام دعامة مِنْهَا لتقوى على تركيب القبب فَوْقهَا وبإدخال الدعائم الشميسي الْأَصْفَر صَارَت الأساطين كلهَا على نِسْبَة وَاحِدَة وَهِي أَن كل ثَلَاث من الرخام رابعتها وَاحِدَة من الشميسي وَذَلِكَ فِي غَالب الأروقة من الجوانب الْأَرْبَع من الْمَسْجِد الشريف كَأَنَّهَا قَائِمَة بغاية الْأَدَب حول بَيت الله المنيف وَهِي أَعلَى من ارْتِفَاع سقفها السَّابِق كَأَنَّهَا تنشد بِلِسَان حَالهَا مفتخرة على أَمْثَالهَا // (من الْكَامِل) //

(إنَّ الَّذِي سمَكَ السَّماءَ بنَى لَهَا ... بَيْتا دَعَائِمُهُ أعزُّ وأَطْوَلُ)

وَاسْتمرّ الْحَال فِي هَذِه الْعِمَارَة على هَذَا المنوال إِلَى أَن تمّ مِنْهُ الْجَانِب الشَّرْقِي والجانب الشمالي إِلَى بَاب الْعمرَة فَمَا عمر مَوْلَانَا السُّلْطَان سليم أسْكنهُ الله جنَّات النَّعيم إِلَى أَن تتمّ الْعِمَارَة وَسلم ملكة الشريف السعيد إِلَى نجله السعيد صَاحب التَّرْجَمَة مَوْلَانَا السُّلْطَان مُرَاد ابْن السُّلْطَان سليم خَان فبرز أمره الشريف لأمير الْعِمَارَة الشَّرِيفَة الْمشَار إِلَيْهِ أَحْمد بك الْمَذْكُور وَأَن يبْذل جهده وجده فِي الْإِتْمَام لعمارة الْمَسْجِد الْحَرَام فأعانه الله تَعَالَى على إِتْمَامهَا وأمد كَذَلِك سَائِر خدامها إِلَى أَن تمت عمَارَة الْجَانِبَيْنِ الغربي والجنوبي من الْمَسْجِد الْحَرَام بِجَمِيعِ أبوابه وأعتابه

<<  <  ج: ص:  >  >>