فَإِذا اجْتهد وَظَهَرت أنتَ فَصَرَخَ بَين يَديك ضرب ضربَاً مبرحاً ليَكُون نكالا لغيره وَأَنت ترى ذَلِك فَلَا تنكره وَلَقَد كَانَت الْخُلَفَاء من قبلك إِذا انْتَهَت إِلَيْهِم الظلامة أزيلَتْ فِي الْحَال وَلَقَد كنت أسافر إِلَى الصين فقدمتُ مرّة إِلَيْهِ فَوجدت الْملك الَّذِي بِهِ فَقَدَ سَمْعَهُ فَبكى فَقَالَ وزراؤه مَا يبكيك فَقَالَ مَا بَكَيْت لمصيبة نزلت بِي إِنَّمَا أبْكِي لمظلوم يصْرخ بِالْبَابِ فَلَا أسمعهُ ثمَّ قَالَ إِن ذهب سَمْعِي فَلم يذهب بَصرِي نادوا فِي النَّاس لَا يلبس أحد أَحْمَر إِلَّا مَظْلُوما وَكَانَ يركب الْفِيل وَيذْهب فِي الْبَلَد لعلَه يجد لابس ثوب أَحْمَر فينصفه فَهَذَا يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ رجل مُشْرك بِاللَّه غلبت رأفته على شح نَفسه بالمشركين فَكيف بك وَأَنت مُؤمن بِاللَّه وَابْن عَم رَسُول الله يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِنَّمَا يجمع المَال لإحدى ثَلَاث إِن قلتَ إِنَّمَا أجمع المَال للْوَلَد فقد أَرَاك الله عِبْرَة فِي الطِّفْل إِذْ يسْقط من بطن أمه وَلَيْسَ لَهُ على وَجه الأَرْض من مَال وَمَا من مَال إِلَّا ودونه يَد شحيحة تحويه فَلم يزل لطف الله تَعَالَى بذلك الطِّفْل حَتَّى تعظم رَغْبَة النَّاس فِيهِ وحوى مَا حوته تِلْكَ الْيَد الشحيحة وَلست بِالَّذِي تُعْطِي وَإِنَّمَا الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى المعطِي وَإِن قلت إِنَّمَا أجمعه لمصيبة تنزل بِي فقد أَرَاك الله تَعَالَى عِبْرَة فِي الْمُلُوك والقرون الَّذين خلو من قبلك مَا أغْنى عَنْهُم مَا أعدُّوا من الْأَمْوَال والذخائر والكُرَاع حِين أَرَادَ الله تَعَالَى مَا أَرَادَ وَإِن قلت إِنَّمَا أجمعه لغاية هِيَ أحسن من الْغَايَة الَّتِي أَنْت فِيهَا فوَاللَّه مَا فَوق غايتك إِلَّا منزلَة لَا تدْرك إِلَّا بِالْعَمَلِ الصَّالح فَبكى الْمَنْصُور بكاء شديدَاً ثمَّ قَالَ كَيفَ أعمل والعلماءُ قد فرَتْ مني والصالحون لم يدخلُوا عَليّ فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ افْتَحْ الْبَاب وانتصر للمظلوم من الظَّالِم وَخذ المَال مِمَّا حل واقسمه بِالْحَقِّ وَالْعدْل وَأَنا ضَامِن من هرب مِنْك أَن يعود إِلَيْك ثمَّ خرج الرجل فَقَامَ الْمَنْصُور للصَّلَاة فَلَمَّا صلى طلب الرجل فَلم يجده فَذهب إِلَيْهِ الشرطي فَوَجَدَهُ عِنْد الرُّكْن الْيَمَانِيّ فَقَالَ أجب أَمِير الْمُؤمنِينَ فَقَالَ الرجل لَيْسَ إِلَى ذَلِك سَبِيل قَالَ الشرطي إذنْ يضْرب عنقِي قَالَ لَا وَلَا إِلَى ضرب عُنُقك سَبِيل ثمَّ أخرج وَرقا مكتوبَاً فَقَالَ خُذْهُ مَعَك فَإِن فِيهِ دُعَاء الْفرج وَذكر لَهُ فضلا عَظِيما فَأَخذه الشرطي وأتى إِلَى الْمَنْصُور فَلَمَّا رَآهُ قَالَ وَيحك
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute