العزيز عن مسألة فقال: ما أنا على الفتيا بجريء، وكتب إلى بعض عماله: إني واللّه ما إني بحريص على الفتيا ما وجدت منه بدًا، وليس هذا الأمر لمن ود أن الناس احتاجوا إليه، إنما هذا الأمر لمن ود أنه وجد من يكفيه، وعنه - رضي الله عنه - أنه قال: أعلم الناس بالفتوى أسكتهم وأجهلهم بها أنطقهم، وقال سفيان الثوري: أدركنا الفقهاء وكانوا يكرهون أن يجيبوا في المسائل والفتيا حتى لا يجدون بدًا، وإذا أعفوا منها كان أحب إليهم، وقال الإمام أحمد بن حنبل: من عرض نفسه للفتيا فقد عرضها لأمر عظيم إلا أنه قد كانت للضرورة، قيل له: فأيهما أفضل، الكلام أو السكوت؟ قال: الإمساك أحب إليّ، قيل له: فإذا كانت الضرورة فجعل يقول: الضرورة الضرورة، وقال: الإمساك أسلم؛ وليعلم المفتي أنه يرفع عن اللّه أمره ونهيه وأنه موقف ومسؤول عن ذلك، قال الربيع بن خثيم: أيها المفتون، انظروا كيف تفتون عن اللّه، وعن ابن المنكدر قال: إن العالم بين اللّه وبين خلقه فلينظر كيف يدخل عليهم، وكان ابن سيرين: إذا سئل عن شيء من الحلال والحرام تغير لونه وتبدل حتى كأنه ليس بالذي كان، وكان النخعي يسأل فتظهر عليه الكراهة ويقول: ما وجدت أحدًا تسأل غيري، وقال: قد تكلمت لو وجدت بك ما تكلمت، وإن زمانا أكون فيه فقيه الكوفة لزمان سوء، وعن محمد بن واسمع قال: أول من يدعى للحساب الفقهاء، وعن مالك أنه كان إذا سئل عن مسألة كأنه واقف بين الجنة والنار، وقال بعض العُلماء لبعض المفتين: إذا سئلت عن مسألة فلا يكن همك تخليص المسائل وليكن تخليص نفسك أولا، وقال آخر: إذا سئلت عن شيء فتفكر إن وجدت لنفسك مخرجًا فتكلم وإلا فاسكت،