للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أو ليماري به السفهاء" والمماراة المجادلة على مذهب الشك (١)، فإن كلّ واحد من المتحاجين يشك فيما يقوله صاحبه أو يشككه بما يورد على حجته (٢)، والمراد بالسفهاء الجهال فإن عقولهم ناقصة (٣)، والمعنى فيه: أن النية هي ركن العمل أو شرطه الذي لا يعتد به إلا بها فإذا عدمت لم يكن شيئًا وإذا فسدت فسد الهوى (٤)، فمن يطلب بالعلم الرياسة على الخلق والتعاظم عليهم وأن ينقاد الخلق ويخضعوا له ويصرفوا إليه وجوههم وأن يظهر للناس زيادة علمه على العُلماء أو ليعلوا به عليهم ونحو ذلك فهذا وعيده النار لأن قصد التكبر على الخلق في نفسه محرم، فإذا استعمل فيه آلة الآخرة كان أقبح وأفحش من أن يستعمل فيه آلات الدنيا من المال والسلطان (٥).

وقد ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أول خلق اللّه تسعر بهم النار ثلاثة منهم: العالم الذي قرأ القرآن ليقال قارئ، وتعلم العلم ليقال عالم وأنه يقال له قد قيل، وأمر به فيسحب على وجهه حتى ألقي في النار" وذكر مثل ذلك المتصدق ليقال: "إنه جواد" وفي المجاهد يقال له:


(١) النهاية (٤/ ٣٢٢).
(٢) مشكاة المصابيح (٢/ ٦٨١)، ومرقاة المفاتيح (١/ ٣٠٤).
(٣) مشكاة المصابيح (٢/ ٦٨١).
(٤) عارضة الأحوذي (١٠/ ١٢٢).
(٥) مجموع رسائل ابن رجب (١/ ٨٠).