للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الجنة" يعني ريحها الطيبة، والعرف: الريح، ومنه حديث عليّ: "أرض الكوفة أرض سواء سهلة معروفة" أي: طيبة العرف، أي الريح، وعرف الجنة يحتمل معنيين:

أحدهما: التهديد والزجر عن طلب الدنيا بعمل الآخرة والمبالغة في ذلك لا القنوط الكلي عن دخول الجنة واليأس الجزمي عن وجدان الرحمة كما ذهب إليه الجهال المبتدعة ولأن النصوص الثابتة المتواترة ناطقة بدخول أهل الإيمان في رياض الجنة والخلاص من النيران وإن مسهم نفحة من العذاب ولفحة من العقاب، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: "لم يجد عرفها يوم القيامة" وهو اليوم الموصوف بقوله: {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (٦)} (١) ولم يقل على الإطلاق، فهذا الذي تعلم العلم للأغراض الفانية ولصاحب الأمراض الحادثة في تضاعيف الدماغ المانعة عن إدراك الروائح الفائحة من الرياض الرائضة ومن الجنة العالية، ولا يهتدى إليها من الأمراض الكائنة في القلب المخلة بالعوامل الإيمانية (٢).

والثاني: أنه لا يدخل الجنة قبل العذاب وملابسة العقاب بل يعذب بقدر ذنبه في الدنيا وطلبها بعمل العقبى، انتهى.

فتعلم العلم لغير وجه اللّه كأن يريد به الرياء والسمعة بين الناس وكمن يتعلمه للرئاسة أو للمال أو لتعظيم الناس له فذلك العالم يستحق دخول


(١) سورة المطففين، الآية: ٦.
(٢) انظر الميسر (١/ ١٠٧)، وشرح المشكاة (٢/ ٦٨٢ - ٦٨٣).