للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

يقضيه من مال مصالح المسلمين، وقيل: من خالص مال نفسه، وقيل: كان هذا القضاء واجبًا عليه - صلى الله عليه وسلم -، وقيل: تبرع منه، والخلاف فيه وجهان لأصحابنا وغيرهم، والصحيح: أنه كان واجبا عليه، واختلف أصحابنا في قضاء دين من مات وعليه دين، قيل: يجب قضاؤه من بيت المال، وقيل: لا يجب، وهذا الذي قاله النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد ما فتح الله عليه الفتوح واتسعت أموال بيت المال، وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - في ابتداء الإسلام لا يصلي على من ترك دينا لا وفاء له لئلا تساهل الناس في الاستدانة ويهملوا الوفاء فزجرهم عن ذلك بترك الصلاة عليهم، فلما فتح الله عليه عاد يصلي عليهم ويقضي دين من لم يخلف وفاء، واختلف أصحابنا: هل هو من الخصائص أو لا؟ فقال بعضهم: كان من خصائصه - صلى الله عليه وسلم - ولا يلزم الإمام أن يقضيه من بيت المال، وقال بعضهم: ليس من خصائصه بل يلزم كل إمام أن يقضي من بيت المال دين من مات وعليه دين إذا لم يخلف وفاء وكان في بيت المال سعة ولم يكن هناك أهم منه، والله أعلم، قاله النووي (١)، ومعنى هذا الحديث: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أنا قائم بمصالحكم في حياة أحدكم وموته، وأنا وليه في الحالين، فإن كان عليه دين قضيته من عندي إن لم يخلف وفاء، وإن كان له مال فهو لورثته لا آخذ منه شيئًا، وإن خلف عيالًا محتاجين ضائعين فليأتوا إلي فعلى نفقتهم ومؤونتهم" والله أعلم، قاله النووي في شرح مسلم (٢).


(١) شرح النووي على مسلم (٦/ ١٥٥).
(٢) شرح النووي على مسلم (١١/ ٦٠ - ٦١).