فقالوا: هذا مما يفنى الأعمار قبل تمامه، فاختصره في نحو ثلاثة آلاف ورقة. وكذلك قال لهم في التاريخ، فأجابوه بمثل جواب التفسير، فقال: إنا لله، ماتت الهمم، فاختصره نحو ما اختصر التفسير. وقال محمد بن إسحاق بن خزيمة: ما أعلم تحت أديم الأرض أعلم من محمد بن جرير.
وروينا أن أبا بكر بن مجاهد إمام الناس في القراءات استمع ليلة لقراءة محمد بن جرير، فقال: ما ظننت أن الله تعالى خلق بشرا يحسن يقرأن هذه القراءة. وروى الخطيب، عن القاضي أحمد بن كامل، قال: توفى أبو جعفر محمد بن جرير وقت المغرب ليلة الاثنين ليومين بقيا من شهر شوال سنة عشر وثلاثمائة، ودفن ضحوة يوم الاثنين في داره، ولم يغير شيبه، وكان السواد في شعر رأسه ولحيته كثيرا، وكان مولده في آخر سنة أربع أو أول سنة خمس وعشرين ومائتين، وكان أسمر إلى الأدمة، أعين، نحيف الجسم، مديد القامة، فصيح اللسان، ولم يؤذن به أحد، واجتمع عليه ما لا يحصيهم عددا إلا الله تعالى، وصلى على قبره عدة شهور ليلا ونهارا، وزاره خلق كثير من أهل الدين والأدب، ورثاه ابن الأعرابى، وابن دريد، وغيرهما، ولقد أجاد ابن دريد وأبلغ في ترثيته (١)].
قوله: مرسلا؛ الحديث المرسل: ما حذف من إسناده الصحابي عند المحدثين، وأي راو كان عند الأصوليين، والمسند ما كان متصلا إلى قائله فعند مالك وأصحابه تجب به الحجة ولا يلزم به العمل كما جب بالمسند